للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيل، ولم يبق له مجال فهنالك الاستسلام للقدر، والانطراح كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء (١).

الخامس: إن هذه الشبهة كما قال ابن الجوزي: "رد لجميع الشرائع وإبطال لجميع أحكام الكتب وتبكيت للأنبياء كلهم فيما جاؤوا به لأنه إذا قال في القرآن: ﴿وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ قال القائل: لماذا إن كنت سعيدًا فمصيري إلى السعادة وإن كنت شقيًا فمصيري إلى الشقاوة فما تنفعني إقامة الصلاة؟ وما يفضي إلى رد الكتب وتجهيل الرسل محال باطل" (٢).

السادس: إن هذه الشبهة مخالفة للكتاب والسنة وإجماع السلف وأئمة الدين ومخالفة لصريح المعقول، ومخالفة للحس والمشاهدة (٣). وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان دلالة هذه الأمور على تأثير الدعاء وفي هذا القول رد لتلك الدلالة، وبهذا يتضح مخالفة هذه الشبهة لهذه الأدلة المذكورة كما أن في هذا القول ردًا للأسباب وقد دلت الأدلة المذكورة على مشروعيته فمن لم يأخذ بالأسباب فقد خالف تلك الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والعقل والحس.

السابع: إن هذه الشبهة فيها إبطال للحكم الربانية والعلل الإلهية حيث رتب الله المسببات على الأسباب والمعلولات على العلل وربط بعضها ببعض على نظام دقيق يكفل ببقاء الكون ونظامه فمن أنكر هذا فقد خالف الحكمة في وضع الدنيا فإن الله تعالى وضع الأشياء على حكمة فوضع للآدمي يدًا يدافع بها ولسانًا ينطق به، وعقلًا يهديه إلى دفع المضار واجتلاب المصالح، وجعل الأغذية والأدوية لمصلحة الآدميين فمن أعرض عن استعمال ما خلق له وأرشد إليه فقد رفض أمر


(١) مدارج السالكين: ١/ ٢٠٠، ومنهاج السنة النبوية: ٣/ ٢٣٢، وطريق الهجرتين، ص: ٣٨.
(٢) تلبيس إبليس: ٣٦٥.
(٣) منهاج السنة النبوية: ٥/ ٣٦٢، وانظر شفاء العليل: ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>