للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو خالق السبب والمقدر له وهو مفتقر إليه كافتقار هذا وليس في المخلوقات سبب مستقل بفعل خير ولا دفع ضر" (١).

كما أنه يبين أن تأثير الأسباب مشروط بشرطين وهما:

١ - وجود المقتضي. ٢ - عدم الموانع.

ثم مع هذين الشرطين يشترط شرطًا آخر وهو الأهم وهو أنه لا بد من تسخير مسبب الأسباب وإبقائه لها وتيسيره ذلك، وبهذا تبين أنه لا منافاة بين الأسباب وصفات الربوبية.

وقد مثل البوطي بصفة القيومية وزعم أننا لو قلنا بالسببية الحقيقية للزم "أن الأشياء بعد أن أودعت فيها قواها المزعومة أصبحت تؤدي مهماتها استقلالًا ودونما حاجة إلى عون مستمر فتصبح كجهاز العقل الآلي المعروف اليوم" (٢).

وقد عرفت أن هذا إنما يلزم لو قلنا: إنها سبب تام مستقل إلخ، ولم يدع ذلك أحد ممن هو يرد عليه.

٢ - إن ما ادعاه أن من حروف السببية والتعليل في كتاب الله تعالى مؤولة لأن هناك نصوصًا صريحة محذرة من أن تفهم معاني هذه الحروف على حقيقتها في حق الله تعالى (٣) .. هذا الكلام فيه وجوه:

١ - أنه ظن أن الآيات التي تدل على السببية والتعليل - وهي أكثر من ألف موضع في القرآن كما قاله ابن القيم (٤) - تتعارض وتتنافى مع الآيات التي تدل على تفرد الله بالخلق والإيجاد وهي أيضًا كثيرة.


(١) العبودية ص: ١١٧ - ١١٨.
(٢) السلفية: ١٧٧.
(٣) السلفية مرحلة: ١٧٧.
(٤) الجواب الكافي ص: ١٦، وذكر في شفاء العليل ص: ٣٩٧ أن ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنة لو تتبع لزاد على عشرة آلاف موضع وأن ذلك حقيقة وليس مبالغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>