وهذا الظن باطل لا أساس له لأننا كما تقدم لا نرى سببًا تامًا ولا علة تامة وإنما هي أسباب جعلها الله تعالى، إن شاء أبقى سببيتها وإن شاء سلبها السببية وأبطل مفعولها، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
٢ - أن البوطي نفسه ذكر في أول كتابه الذي زعم فيه هذا الكلام السابق اتفاق علماء اللغة على أن الحقيقة لا يعدل عنها إلا لضرورة في الكلام، ولا ضرورة هنا تلجئ إلى تأويل أكثر من ألف موضع في القرآن الكريم.
٣ - ثم إنه استدل بما وقع لمريم في قوله تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾ وأن هذا التساقط ليس من قوة الهز وإنما هو من الله تعالى.
الجواب: أننا لم نزعم أن الأسباب لازمة ولا يَحْرِقُها الله تعالى وقد علم أن العلماء سموا مثل هذا خوارق العادة فالله سبحانه يخرق الأسباب والعادات إن شاء وإن شاء أبقاها على عادتها.
٤ - وأما ما زعم من أن القوة لو كانت موجودة لرأيناها أو لاخبرنا الله بها … إلخ.
فمن المعلوم عقلًا عدم الملازمة بين وجود الشيء وبين رؤيته كما في الروح والنفس والحرارة والبرودة، وأما إخبار الله تعالى بذلك فقد حصل ففي أكثر من ألف موضع ذكر ما يفيد ذلك.
٥ - وأما ما زعمه من تناقض ابن تيمية (١) فذلك إنما حصل للبوطي هذا الظن من عدم استيعابه لكلام الشيخ أو من سوء الظن أو غير ذلك، وأما لو أطراف كلامه وتتبعه في مظانه لعلم يقينًا أنه ليس هناك تناقض وقد نقلت فيما مضى ما يفيد ذلك ولله الحمد.