للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل على دفاع العدو بالدعاء مع الجهاد قوله لسعد بن أبي وقاص: "هل تنصرون إلا بضعفائكم" ولفظ النسائي: "إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم" (١).

والحاصل أن من جملة القضاء ردَّ البلاء بالدعاء، فالدعاء داخل تحت القضاء وليس خارجًا عنه، فالدعاء سبب لرد البلاء، واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لدفع السلاح، والماء سبب لخروج النبات من الأرض فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان، فكذلك الدعاء والبلاء، وليس من شرط الاعتراف بالقضاء أن لا يحمل السلاح، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢]، فالله تعالى هو الذي قدر الأمر، وقدر سببه (٢).

دلالة الكتاب على ذلك:

أ - قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠].

وجه الاستدلال بالآية:

١ - إن الله تعالى قد علق في هذه الآية الإجابة بالدعاء تعليق المسبب بالسبب (٣) فلو كانت الاستجابة تقع بدون سبب الدعاء لكان تعليق الإجابة بالدعاء لا فائدة فيه فيكون عبثًا، حاشا كلام الله من ذلك.

٢ - هذه الصيغة تدل على الشرط والجزاء فإن جواب الأمر يجزم إن قصد الجزاء وتَسَبُّبُ الفعل عن الطلب السابق وإن اختلفوا هل الجازم حرف شرط محذوف مع فعله أو الجملة السابقة لنيابتها عن حرف الشرط أو لتضمنها معنى حرف الشرط (٤).


(١) البخاري: ٦/ ٨٨ رقم ٢٨٩٦، والنسائي: ٦/ ٣٧ رقم الباب ٣٧.
(٢) الأذكار: ٣٥٤، والإحياء: ١/ ٣٠.
(٣) الفتاوى: ٨/ ١٩٣.
(٤) حاشية الخضري: ٢/ ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>