إن الله ﷾ نهى في هذه الآية عن الحسد وتمني زوال نعمة الغير وأمر بسؤاله من فضله فدل على أنه بسبب السؤال يعطي مثل ما أعطى لذلك الذي فضله وربما يعطي أكثر، فلو كان الدعاء والسؤال لا أثر له في إعطاء السائل ما تمناه وسأله، للزم أنه لا فائدة في الأمر به في هذا المقام، وهذا يخالف ما يقتضيه سياق الآية.
فبينت الآية أن الإيتاء والإعطاء يكون من المسؤول المطلوب فلو كان السؤال ليس له أثر سببي في الإيتاء لم يعلق به الإيتاء لاسيما أن سياق الآيات في ذكر نعم الله على عباده ومن ذلك نعمة إجابة الدعاء وإعطاء المسؤول.
هـ - قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: ٦٢].
فالآية صريحة الدلالة على أن دعاء المضطر هو السبب في إجابة سؤاله وكشف السوء عنه، وهذا من آيات الله العظيمة الدالة على وحدانيته وتفرده بالربوبية والألوهية، ولهذا أعقبه بقوله: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: ٦٢].
و- قد وردت آيات كثيرة جدًا ذكر الله فيها ما وقع لأنبيائه وأوليائه وعباده الصالحين من المحن والبلايا والشدائد العظام فاستغاثوا بربهم، وتضرعوا له، وابتهلوا إليه فاستجاب الله لهم وكشف عنهم تلك المحن بعد دعائهم.
وقد حكى الله لنا ألفاظ دعواتهم وصيغ ابتهالاتهم لنقتدي بهم ونأخذ