للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الله أيضًا أن الاستغفار يمنع من نزول العذاب، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)[الأنفال: ٢٣]، فدلت هذه الآيات على أن الاستغفار والتوبة من جملة الأسباب المشروعة، وتقدم (١) أن الاستغفار نوع من أنواع الدعاء فثبت أن كليهما من الأسباب، وقد كان لهما الأثر العظيم في هذه الأمور المذكورة في الآيات السابقة فلولاهما لما حصلت هذه الأشياء، فدل على أنهما سببان في ذلك وأن وجودهما ليس كعدمهما.

والحاصل أن القرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب، بل في ترتب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمال ترتب الجزاء على الشرط والمعلول على العلة والمسبب على السبب، وهذا بمختلف الصيغ والأساليب المتنوعة الكثيرة في مواضع كثيرة، وهذه المواضع تزيد في القرآن الكريم على ألف موضع كما قاله (٢) ابن القيم ، بل ذكر ابن القيم في موضع آخر أن ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنة لو تتبع لزاد على عشرة آلاف موضع، وأن ذلك حقيقة وليس مبالغة (٣).

وأما السنة الدالة على تأثير الدعاء فأكثر من أن تحصر فقد تواتر عنه إلا الله أمران: الأول: فعله للدعاء، والثاني: حثه وترغيبه في الدعاء، وقد ذكر تواتر الأمرين عنه الكتاني (٤) في رسالته في الأحاديث المتواترة (٥).


(١) كما تقدم ص: ٩٤.
(٢) الجواب الكافي: ١٦ - ١٧.
(٣) شفاء العليل: ٣٩٧
(٤) هو محمد بن جعفر بن إدريس بن محمد الزمزمي محدث له الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة وغيرها (ت ١٣٤٥ هـ) له ترجمة في أوائل الرسالة المستطرفة ومعجم المؤلفين: ٩/ ١٥٠.
(٥) نظم المتناثر ص: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>