للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - إن دعاء غير الله تعالى فيه شكاية العبد لمولاه الذي هو أرحم الراحمين إلى من لا يرحمه، فإنّ الداعي لغير الله تعالى ترك ربه وخالقه وذهب إلى فقير بالذات وطلب منه أن ينفعه فتَرْكُه لربه ومُولِي نِعمه - مع ذهابه إلى غيره - فيه شكاية لمولاه واللائق بالعبد أن لا يشكو إلا إلى الله.

قال يعقوب ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٨٦].

وقد رأى الفضيل بن عياض رجلًا يشتكي إلى آخر فقال: يا هذا تشتكي من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ كما قيل:

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما … تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

وشكى إليه رجل مرة حاله فقال له: يا أخي أمدبرًا غير الله تريد؟ (١).

وفي هذا الصنيع خطر عظيم وظلم جسيم "لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ولا أعظم ظلمًا من شكاية العبد ربه الذي هو أرحم الراحمين فيما أصابه من ضر أو فاته من خير إلى من لا يرحمه ولا يسمعه ولا يبصره، ولا يعلمه ولا يملك لنفسه ولا لداعيه من ضر ولا نفع ولا موت ولا حياة ولا نشور، ولا يغني عنه مثقال ذرة، وعدوله عمن بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ويفزع في قضاء حوائجه إلى من لا قدرة له على شيء البتة. . ." (٢).

٤ - إن دعاء غير الله تعالى فيه إساءة للظن بالله .

فالذي يدعو غير الله تعالى ويلتجيء إلى باب غير باب الله تعالى سواء اعتقد لذلك الغير الاستقلال أو الوساطة فقد ظن بربه السوء لأن هذا


(١) الرد على البكري: ١٠٢.
(٢) معارج القبول: ١/ ٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>