في المعنى الشرعي إذ الداعي - سواء كان دعاء مسألة أو عبادة - طالب للأجر والثواب أو طالب لحاجته من نيل مرغوب أو دفع مرهوب، كما أنه راغب إلى الله تعالى في تحقيق ذلك، ومستعينٌ بالله تعالى، ومستغيثٌ به في ذلك، ومنادٍ له بقوله: يا رب أو اللهم إلخ … فأغلب المعاني اللغوية التي للدعاء لها مناسبة جلية للمعنى الشرعي.
ثم بعد هذه التعريفات المتعددة لمعنى الدعاء الشرعي بقي أن نعلم أن معنى الدعاء القائم بقلب المؤمن، ووجدانه، وشعوره، وراء هذه العبارات اللفظية، وإنما هذه العبارات تمثيل وإشارة، وتفهيم، وتقريب. وإلا فما يقوم بالقلب حينئذ من الرغبة والابتهال، والانطراح بين يدي الرب، والافتقار إليه، والتذلل بين يديه والالتجاء إليه والاعتصام به، والتزلف إليه: أمرٌ لا تحيط به العبارة. ونظير هذا التعبير عن معنى بقية الأعمال الصالحة القلبية، كمحبة الله وخشيته، وإجلاله، ومهابته ورجائه والتوكل عليه، فإن العبارة تقصر عن وصف ذلك، مهما تنوعت العبارات، ولا تدرك حقيقة تلك الأعمال إلّا بالاتصاف بذلك، لا بمجرد الوصف والخبر (١).