للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعث الله به رسوله، بل جميع الرسل من تحقيق التوحيد وقطع أسباب الشرك، فقل نصيبهم من ذلك ودعاهم الشيطان إلى الفتنة، ولم يكن عندهم من العلم ما يبطل دعوته، فاستجابوا له بحسب ما عندهم من الجهل … " (١).

والسبب في ذلك قلة انتشار العلم الصحيح من كتاب الله وسنة رسوله بسبب إعراض الناس عن تعلم العلم الصحيح، حيث قَلَّتْ دراسةُ القرآن الكريم بتدبر وتعقل وفهم بحجة أن فهم القرآن صعب على أفهام الناس، ولا يستطيعه إلا من درس كل العلوم من نحو وصرف وبيان ومعان ولغة والفقه وأصوله والمنطق والفلسفة، ولهذا قل في بعض الأقطار الإسلامية دراسة تفسير القرآن الكريم بتدبر وفهم، وقلّ تفسيره بما يطابق ما انتشر في المجتمع بل صاروا يفسرون الآيات المتعلقة بالشرك بما يفهم أنها خاصة بكفار قريش ولا يدخل فيها ما يفعله الناس اليوم فصاروا كما قال الله تعالى في اليهود ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [البقرة: ٧٨]، وقال عز من قائل: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: ٥]، واقتصروا على تلاوته على الأموات وعند المقابر والمشاهد، وكتابته للتمائم والحجب أو زخرفته بالذهب، وحفظه للتبرك، وقراءته في افتتاح الحفلات وأدى كل هذا إلى الجهل بالقرآن الكريم، ثم إلى عدم تطبيقه الاعتقادات والأعمال والتشريعات.

قال الشيخ أبو بكر الجزائري في وصف أحوال المسلمين في القرون الأخيرة كان القرآن يقرأ على الأموات دون الأحياء ويعتبر تفسيره خطيئة من الخطايا وذنبًا من الذنوب إذ ساد بين المسلمين القول بأن تفسير القرآن صوابه خطأ وخطأه كفر فلذا القارئ يقرأ ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ والناس حول ضريح الولي المدفون في ناحية المسجد


(١) إغاثة اللهفان: ١/ ١٦٦ - ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>