للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ذكر ابن القيم أن القرآن مملوء بالآيات التي تقطع أصول الشرك ومواده ثم قال: "ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته، وتضمنه له، ويظنونه في نوع وفي قوم قد خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثًا، وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن، ولعمر الله إن كان أولئك قد خلوا فقد ورثهم من هو مثلهم أو شر منهم أو دونهم، وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك ولكن الأمر كما قال عمر بن الخطاب : "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية"، وهذا لأنه إذا لم يعرف الجاهلية والشرك، وما عابه القرآن وذمه وقع فيه وأقره ودعا إليه وصوبه وحسنه وهو لا يعرف أنه هو الذي كان عليه أهل الجاهلية أو نظيره أو شر منه أو دونه" (١).

وبسبب الجهل بحقيقة دين الإسلام وحقيقة التوحيد والشرك تمكن الشيطان من التلبيس على كثير من الناس في دعاء غير الله تعالى بأن زين لهم ذلك باسم التوسل تارة وباسم الشفاعة تارة وباسم محبة الصالحين تارة أخرى، إلى غير ذلك من تلبيسات الشيطان لأن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل، فهو يدخل منه على الجهال بأمان، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مسارقة" (٢).

وقد صرح القرافي المالكي يكون الجهل هو السبب للأدعية الشركية فقد ذكر الأدعية المحرمة والأدعية المكفرة وبين خطورتها ثم قال: "وأصل كل فساد في الدنيا والآخرة إنما هو الجهل فاجتهد في إزالته عنك ما استطعت كما أن أصل كل خير في الدنيا والآخرة إنما هو العلم فاجتهد في تحصيله ما استطعت والله تعالى هو المعين على الخير كله" (٣).


(١) مدارج السالكين: ١/ ٣٤٣ - ٣٤٤، وانظر مجموعة الرسائل النجدية: ٤/ ٥٦٧، وتحفة الجليس: ٥٩ - ٦٠.
(٢) تلبيس إبليس: ١٣٤.
(٣) الفروق: ٤/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>