للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحصل من هذا كله انتشار الجهل بالكتاب والسنّة.

وهذا الانتشار للجهل ورفع العلم مما أخبر به الرسول في قوله: "يقبض العلم ويظهر الجهل والفتن" (١). وهذا هو مصداق ما أخبر به الرسول في هذا الحديث، فقد انتشر الجهل بحقيقة التوحيد وما يضاده أو ينافي كماله وتسبب هذا في انتشار الشرك والبدع فصار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا.

قال ابن القيم : "قد غلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم فصار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام، وقلّ العلماء، وغلب السفهاء، ولكن مع هذا لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين إلى أن يرث الله سبحانه الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين" (٢).

وذكر ابن القيم أيضًا أن الجهل هو السبب الرئيسي في المنع من قبول الحق فالجهل هو السبب الغالب على أكثر النفوس فإن من جهل شيئًا عاداه وعادي أهله (٣).

ومما ينبغي أن يعلم أن هذا الجهل المنتشر حصل للناس لسببين:

أحدهما: هذا الذي تقدم من عدم الاعتناء بدراسة القرآن الكريم وتدبره وفهمه.

وثانيهما: أنهم حملوه على قوم مضوا وأن الواقع لا يدخل تحته،


(١) البخاري: ١/ ١٨٢ رقم ٨٥.
(٢) زاد المعاد: ٣/ ٥٠٧.
(٣) هداية الحيارى: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>