للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى حكمة نهي الشارع عن تعظيم القبور وتصوير تماثيل أصحابها لأن ذلك من الأسباب الرئيسية في عبادة أصحابها ودعائهم.

قال شيخ الإسلام: "والشرك في بني آدم أكثره عن أصلين: أولها: تعظيم قبور الصالحين، وتصوير تماثيلهم للتبرك بها، وهذا أول الأسباب التي بها ابتدع الآدميون وهو شرك قوم نوح … والسبب الثاني: عبادة الكواكب. . ." (١).

وذكر ابن القيم أيضًا أن "غالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور" (٢).

فتبين مما تقدم أن الشارع الحكيم قد سد كل الطرق والوسائل التي تؤدي إلى الشرك ودعاء غير الله تعالى بنوعيه.

ولكن بعض المسلمين لم يمتثلوا هذا النهي وهذا التحذير البليغ فطرقوا تلك المحاذير وفتحوا تلك السدود، فقاموا بتشييد الأضرحة وزخرفتها، مع إسدال الستور وإيقاد البخور ونثر الزهور، وذبح النحور، وتقديم النذور، والانحناء عند المرور، ودعوا عند تلك القبور، ففتحوا بذلك بابًا من أبواب الشرك الذي أمر الشارع بسده، بل تعدوه


= في الرد على الأخنائي ص: ٩٢، ونحوه في اقتضاء الصراط المستقيم ص: ٣٢١.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي: "وهو حديث حسن جيد الإسناد وله شواهد كثيرة يرتقي بها إلى درجة الصحة" الصارم ص: ٣١٠، وحسنه أيضًا الحافظ كما في الفتوحات الربانية: ٣/ ٣١٣، وصححه الألباني في صحيح الجامع: ٦/ ١٣٢ رقم ٧١٠٣، وحسن إسناده في تحذير الساجد ص: ١٤٢، والشواهد التي أشار إليها ابن عبد الهادي ستأتي في ص: ٦١٠.
(١) الرد على المنطقيين ص: ٢٨٥، والفتاوى: ١٧/ ٤٦٠، وقاعدة في التوسل: ١٧، وجامع الرسائل: ٢/ ٥٣، وانظر أيضًا شرح الطحاوية ص: ٢٠.
(٢) زاد المعاد: ٤/ ٤٥٨، ونحوه في إغاثة اللهفان: ١/ ١٤٥، نقلًا عن شيخه، وفي ٢/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>