للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآية وإن كان سياقها في أهل الكتاب السابقين إلا أن مدلولها ينطبق على هذه الأمة أيضًا إذ نهينا أن نسلك مسالكهم ونتبع سبيلهم وأن نتشبه بهم. وقد أخبر رسول الله أن هذه الأمة ستتبع سنن من سبقها من الأمم فقال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا ذراعًا" (١).

وقد حذر المصطفى صلوات الله وسلامه عليه من إطرائه والغلو في مدحه فقال في حديث عمر الطويل: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ورسوله" (٢) ومع هذا التحذير الواضح غلا فيه قوم، والذي ألجأهم إلى هذا الغلو "اعتقادهم أنه يكفِّر عنهم سيئاتهم ويدخلهم الجنة وكلما غلوا كانوا أقرب إليه فهم أعصى الناس لأمره" (٣).

وقال في حديث ابن عباس : "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" (٤).

فهذا الحديث وإن كان سبب وروده في رمي الجمار، إلا أن لفظه عام، فهو يشمل التحذير من أنواع الغلو سواء في الاعتقادات أو الأعمال (٥).

ومن أنواعه الغلو في الصالحين أو فيمن يعتقد فيه الصلاح.


(١) البخاري: ١٣/ ٣٠٠ رقم ٧٣٢٠، ومسلم: ٤/ ٢٠٥٤ رقم ٢٦٦٩ من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) البخاري: ١٢/ ١٤٤ رقم ٦٨٣٠ و ٦/ ٤٧٨.
(٣) الموضوعات للقاري: ١١٩، والبريلوية: ١٤٣.
(٤) أخرجه أحمد في المسند: ١/ ٢١٥، ٣٤٧، والنسائي: ٥/ ٢١٨، وابن ماجه: ٢/ ١٠٠٨، وابن أبي عاصم في السنة رقم ٩٨، وابن خزيمة في صحيحه: ٤/ ٢٧٤ رقم ٢٨٦٧، وابن حبان (موارد) ص: ٢٤٩ رقم ١٠١١، والحاكم: ١/ ٤٦٦، وابن الجارود في المنتقى ص: ١٧١ رقم ٤٧٣. وقد صحح الحديث ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال: على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وصححه شيخ الإسلام في الاقتضاء ص: ١٠٦ وقال: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: ٣/ ٢٧٨ رقم ١٢٨٢.
(٥) انظر اقتضاء الصراط ص: ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>