للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صخرة بيت المقدس حيث قال: وكل حديث في الصخرة فهو كذب ومفترى، والقدم التي فيها كذب موضوع مما عملته أيدي المزورين الذين يروجون لها ليكثر سواد الزائرين" (١).

ومن تلك الأغراض والأهواء الفاسدة طلب الجاه والشرف والمكانة في قلوب العامة من سدنة الأضرحة الذين يخافون أن يذهب جاههم وشرفهم إذا ترك الناس عبادة القبور.

فإن السدنة يعدون لدى العامة الزائرين من أهل الشرف والمكانة دينيًا واجتماعيًا، فإذا سافروا ومروا على القرى والمدن فأهل تلك الناحية يجتمعون للقائهم والتبرك بهم وإعطاء الصدقات والنذور إليهم وتقبيل أيديهم للتبرك بهم ويعدون ضيافتهم وإكرامهم من أهم القربات إلى الولي.

ثم إن أحد هؤلاء السدنة لو طلب من شخص ماله فلا بد أن يعطيه وربما لا يملك إلا إياه ومع هذا لا يستطيع منعه خوفًا على نفسه من غضب السادن ثم يغضب بسببه الولي.

والحاصل أن للسدنة أثرًا واضحًا في تزيين دعاء صاحب القبر فهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر الذي يرونه عند القبر فبدلًا عن هذا يزينون دعاء الولي والاستغاثة به.

ومن صور الأهواء النفسية سهولة هذه الأوضاع والرسوم الشركية على النفس البشرية واستصعابها للتكاليف الشرعية فإن العوام يعتقدون أن الولي يحتمل الذنوب وإن زيارته كفارة للآثام والخطايا، وإن شفاعته مضمونة لمريديه وأحبابه فلا حاجة للتقيد بالأمور الشرعية، فإنه يغني عنه دعاء الولي والاستغاثة به وزيارته فغرتهم الأماني الكاذبة على الله تعالى قال ابن عقيل الحنبلي (٢) :


(١) المنار المنيف: ٨٧، وعنه في تحذير المسلمين: ١٦٩.
(٢) هو علي بن عقيل بن محمد أبو الوفاء البغدادي شيخ الحنابلة ومؤلف كتاب الفنون الذي يزيد على أربعمائة مجلد وكان إمامًا مبرزًا كثير العلوم خارق الذكاء عديم النظير (ت ٥١٣ هـ)، العبر للذهبي: ٢/ ٤٠٠، والبداية: ١٢/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>