للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبب في كون هذه المرتبة شركًا وجهان (١) في الأولى وثلاثة أوجه في الثانية.

الوجه الأول: أن الداعي في هذه المرتبة نادى غير الله تعالى، ووَجَّه طلبه وقَلْبَه إلى غير الله تعالى واستغاث به طالبًا كشف ضره، أو جلب نفع له مما لا يقدر عليه غير الله تعالى.

وهذا هو الدعاء الذي هو العبادة ولبها ومخها وقطب رحاها، فَصَرْفُ هذا الله تعالى عبادة وطاعة وإخلاص وتوحيد، وصَرْفُه لغير الله تعالى شركٌ وضلال وكفر وتنديد.

الوجه الثاني: أن هذا الداعي اعتقد في المدعو قوة غيبية، وسلطانًا غيبيًا، وتأثيرًا بالقوة الغيبية التي ليست من جنس قوة البشر، ولا من صفاتهم، لأنه اعتقد للمدعو أنه يقدر على إيصال النفع، أو دفع الضر عنه بقوة غيبية لا ترى ولا تلامس الأشياء الملامسة المعروفة لدى البشر.

وهذه الصفة خاصة بالله تعالى لا تليق بغيره سبحانه وتعالى عما يشركون.

فَاعْتقادُهَا الله وإفراده بالاتصاف بها، توحيد وإخلاص وعبادة، واعتقاد اتصاف الغير بها شرك وضلال.

وهذان الوجهان موجودان في الصورتين جميعًا وتزيد الصورة الثانية وجهًا ثالثًا وهو ما يأتي:

الوجه الثالث: أن الداعي اعتقد علم الغيب، والسمع والبصر المحيطين لغير الله تعالى حيث ناداه من مكان بعيد، وهذا الاعتقاد صرف لصفات الجلال والجمال - التي لا تليق بغير الله تعالى ولا يمكن أن


(١) انظر في ذكر الوجه الأول والثالث صيانة الإنسان: ٣٧٣، وفتاوى عبد الحي اللكنوي: ١/ ٢٦٤ بواسطة تعليق أبي الحسن الندوي على رسالة التوحيد: ١٤٠ - ١٤١، وحكم الله الواحد الصمد ص: ٧ - ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>