للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتصف بها أحد إلا إياه - إلى المدعو الضعيف الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم الغيب، وهذا هو الشرك بعينه وسيأتي إن شاء الله تعالى نقل كلام العلماء في كفر من اعتقد علم الغيب لغيره تعالى (١).

وهذا الوجه الثالث لا يلزم في الصورة الأولى لأن العلماء اختلفوا في سماع الأموات عند قبورهم والمسائل الاجتهادية يعذر فيها المخالف إذا اختار أحد الأوجه المختلف فيها فلهذا لا يمكن أن يعترض بالوجه الثالث عليهم وإنما يلزمهم الوجهان الأولان فقط.

والحاصل أن أهل هذه المرتبة من جنس عباد الأصنام فلا فرق بينهم وبين المشركين ولهذا قد يتمثل لهم الشيطان في صورة الميت المستغاث به كما كان يتمثل لعباد الأصنام وأهل الكتاب من أصناف المشركين، وقد يدعو أحدهم ويستغيث بمن يعظمه فيأتيه الشيطان على صورته أحيانًا، وقد يخاطبهم ببعض الأمور الغائبة على صورة المكاشفة كما كان يخاطب الكهان وقد يرى أحدهم القبر قد انشق وخرج منه الميت فعانقه أو صافحه أو كلمه فيظن أن الميت هو الذي فعل ذلك أو يظن أن الله صور ملكًا على صورته، ويقول أحدهم: هذا سر الشيخ وحاله.

وفي الحقيقة إنما هو الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك به المستغيث به كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم كما كان ذلك في مشركي العرب قبل الإسلام وفي غيرهم من أصناف المشركين وأهل الكتاب (٢).


(١) سيأتي ص: ٥٣٧.
(٢) انظر الرد على البكري: ٥٥ - ٥٦، وقاعدة جليلة: ١٥٤ - ١٥٨، والجواب: ١/ ٣٢٦ - ٣٢٨ و ٣١٨ - ٣١٩، والصفدية: ١/ ١٩٠ - ١٩٣، و ٢/ الصحيح: ٢/ ٢٩٢، ومنهاج السنة: ١/ ٤٨٣ و ٤٩١٣، وإغاثة اللهفان: ١/ ١٦٧، والفتاوى: ١٧/ ٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>