للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب القبر الشفاعة والواسطة الشركية التي يعتقدها الذين قالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]. وسيأتي بحث الشفاعة الشركية قريبًا في المرتبة العاشرة.

ففي هذه الصورة مفاسد عظيمة، من صرف القلوب إلى غير باريها وفاطرها، والافتقار إلى غيره ، وإيذاء المقبور بتكليفه سؤال الله تعالى، إن قُدِّرَ أنه يسأل الله تعالى.

ثم فيها الجزم بأن الولي الفلاني يستطيع السؤال، ومن يدري ما هو فيه من النعيم أو الجحيم؟ لأن مذهب أهل السنة أنه لا يجزم بذلك إلا في الوارد.

ثم إنه فتح لباب الشرك ولذرائعه التي يتدرج منها الشيطان إلى الشرك الأكبر، وقد قال السلف: إن البدعة باب للشرك.

ثم إن الظن بأنه لا فرق بين الحياة والموت وقياس أحدهما على الآخر ظَنٌّ سيئ وقياس مع الفارق وهو فاسد الاعتبار لأن طلب الدعاء منه في حال حياته ليس فيه محذور ولا مفسدة فإن أحدًا من الأنبياء لم يعبد في حياته بحضوره فإنه ينهى من يعبده ويشرك به ولو كان شركًا صغيرًا كما قال : "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان" (١) ونهى من قال: وفينا نبي يعلم ما في غد" (٢).

وأما بعد موته فيخاف الفتنة والإشراك به كما أشرك بالمسيح والعزير وغيرهما عند قبورهم وغير قبورهم (٣).


(١) أخرجه أبو داود: ٥/ ٢٥٩ رقم ٤٩٨٠، والنسائي في عمل اليوم: ٥٤٤ رقم ٩٨٤، وأحمد: ١٠/ ٣٨٤ - ٣٩٤، ٣٩٨، والطيالسي ص: ٥٧، وابن السني: ٣١٤ رقم ٦٦٦، وصححه النووي في الأذكار ص: ٣١٨، والألباني في الصحيحة رقم ١٣٧.
(٢) أخرجه البخاري: ٩/ ٢٠٢ رقم ٥١٤٧، وابن ماجه: ١/ ٦١١ رقم ١٨٩٧.
(٣) قاعدة في التوسل: ١٣٨، وانظر كلامًا نفيسًا حول الفرق بين الحياة والموت في الفتاوى: ٢٧/ ٨٠ - ٨١، وما سيأتي ص: ٧٧٧ - ٨٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>