للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية: وهي ما إذا سأل الميت أن يدعو الله له بعيدًا عن قبره - فهذه الصورة كثيرًا ما تقع ممن يدعون الأموات، فقد يقع أحدهم في شدة أو كرب فينادي صاحبه الولي ويستغيث به ويشتكي إليه هذه الشدة ويطلب منه الوساطة عند الله تعالى فيقول يا ولي الله فلان ادع الله لي أن يزيل عني كذا وكذا، أو يعطيني كذا وكذا.

والسبب في وقوع هذه الصورة من كثير ممن ينتسب إلى الإسلام، ظنهم أنهم لم يشركوا حيث لم يدعوا الولي لمباشرة قضاء الحوائج بنفسه، بل طلبوا منه سؤال الله فقط، وهذا مثل ما يطلب منه وهو حي أن يدعو لمن طلب منه الدعاء، فلا فرق عندهم بين الحياة والموت، هكذا ظنوا ولا ينفعهم ظنهم هذا لأمرين:

الأول: أنهم وإن لم يشركوا بطلب الدعاء منه لكنهم أشركوا من جهة أنهم ظنوا أنه يعلم الغيب ويسمع النداء، وقد ذكر الشيخ محمد (١) إسماعيل الشهيد ظنهم هذا ثم رد عليهم بقوله: "وهذا باطل فإنهم وإن لم يشركوا عن طريق طلب قضاء الحاجة، فإنهم أشركوا عن طريق النداء، فقد ظنوا أنهم يسمعون نداءهم عن بعد كما يسمعون نداءهم عن قرب" (٢).

وقد ذكر نحو هذا الكلام صاحب صيانة الإنسان (٣).

الأمر الثاني: أن ظنهم أنه ليس هناك فرق بين الحياة والموت ظن


(١) هو محمد إسماعيل بن عبد الغني الدهلوي الملقب بالشهيد لاستشهاده في معركة الإنجليز بالهند عام ١٢٤٧ هـ، له جهود طيبة في محاربة البدع والخرافات ورسالته رد الإشراك من أحسن الرسائل وهي مفيدة جدًّا، انظر رد الإشراك بتحقيق محمد عزيز شمس، والمسك الأذفر للألوسي: ٣٢٦، ومعجم المؤلفين: ٩/ ٥٨.
(٢) رسالة التوحيد للدهلوي: ٦٦ - ٦٧.
(٣) صيانة الإنسان: ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>