للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيئ وقد تقدم ما في ذلك من المفسدة وخوف الفتنة في حال الموت دون الحياة.

والحكم في هذه الصورة أنها شرك، لأن صاحبها قد زعم أن الولي المدعو يعلم الغيب ويسمع كلامه في كل زمان ومكان، ويشفع له في كل حين وأوان، فهذا شرك صريح، فإن علم الغيب من الصفات المختصة بالله تعالى.

هذا ما قاله الشيخ الدهلوي والشيخ بشير السهسواني وغيرهما (١).

ولكن بعض عبارات ابن تيمية ربما يفهم منها أن هذه المرتبة لا تصل إلى الشرك فإنه قال: "الثانية أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين ادع الله لي أو ادع لنا ربك أو اسأل الله لنا كما تقول النصارى لمريم وغيرها، فهذا لا يستريب عالم أنه غير جائز، وأنه من البدع التي لم يفعلها أحد من سلف الأمة، وإن كان السلام على أهل القبور جائزًا، ومخاطبتهم جائزة" (٢).

وهذا الكلام يدل على أن شيخ الإسلام لا يرى أن هذه المرتبة شرك، بل يراها بدعة (٣) فقط، وشبيه بهذا كلامه الآخر حيث قال: "فعلم أنه لا يجوز أن يسأل الميت شيئًا لا يطلب منه أن يدعو الله له ولا غير ذلك، ولا يجوز أن يشكي إليه شيء من مصائب الدنيا والدين، ولو جاز أن يشكى إليه ذلك في حياته، فإن ذلك في حياته لا يفضي إلى الشرك، وهذا يفضي إلى الشرك. . ." (٤).


(١) رسالة التوحيد: ٦٧، وصيانة الإنسان: ٢١٢، وحكم الله الواحد ص: ١٠.
(٢) قاعدة في التوسل: ١٤٩، وضمن الفتاوى: ١/ ٣٥١.
(٣) ويحتمل على بعد - أن الحكم بالبدعية قاصر بالصورة الأولى وهي السؤال عند القبر ولا يشمل الغائب عن القبر لأن كلام الشيخ يشمل الصورتين فيحمل على الأولى دون الثانية.
(٤) قاعدة جليلة: ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>