للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإقسام على الله بغيره فحكمه حرام لما روي في حديث جبير بن مطعم من أن أعرابيًا أتى رسول الله فقال: يا رسول الله، جُهِدَتِ الأنفسُ وضاعت العيالُ ونُهِكَتِ الأموال وهلكت الأنعام، فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، قال رسول الله : "ويحك أتدري ما تقول؟ … ثم قال: ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك" (١).

وقد ذكر الفقهاء من أصحاب (٢) أبي حنيفة وغيرهم أبي حنيفة وغيرهم أنه لا يجوز أن يقسم أحد بالمخلوق فجمهور العلماء لا يسوغون الحلف بغير الله تعالى من الأنبياء والملائكة ولا تنعقد اليمين بذلك، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى تنعقد اليمين بالنبي خاصة دون غيره.

وعلى هذا يحمل ما روي عنه من إجازة التوسل بالنبي خاصة هذا على فرض ثبوت تلك الرواية عن أحمد.

فالجمهور من العلماء لا يجيزون القسم بغير الله تعالى.

وروي عن أحمد مثل ذلك أيضًا (٣).


(١) أخرجه أبو داود: ٥/ ٩٤ رقم ٤٧٢٤، والدارمي في الرد على الجهمية ص: ٤١ رقم ٧١، وابن خزيمة في التوحيد ص ٦٩، والآجري في الشريعة ص: ٢٩٣، وابن أبي عاصم في السنة: ١٠/ ٢٩٤ رقم ٥٧٥، واللالكائي في السنة ص: ٣٩٤ رقم ٦٥٦، والحديث قد استغربه الحافظ ابن كثير في التفسير: ١/ ٣١٠، وضعفه الألباني لأن فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس لم يصرح بالسماع، ثم إن في إسناده اختلافًا، انظر ظلال الجنة: ١/ ٢٥٢، لكن ابن القيم قواه في تهذيب مختصر سنن أبي داود: ٨/ ٩٤ - ٩٨ وقال ابن تيمية وليس فيه إلا ما له شاهد من رواية أخرى الفتاوى ١٦/ ٤٣٥، هذا وقد توسعت في الكلام على هذا الحديث في رسالتي جهود الإمام أبي داود السجستياني، وتبين من دراسته اختلاف النقاد في تقويته وتضعيفه ورجحان ضعفه والله أعلم.
(٢) قاعدة جليلة: ٥٠ - ٥١، ٥٥، ٦٣، ١٠٦، والفتاوى: ٢٤/ ٣٣٥ - ٣٣٦، وإغاثة اللهفان: ١/ ١٦٨، والمحلى: ٨/ ٣٢، والمغني: ٨٠/ ٧٢١، وروضة الطالبين: ١١/ ٦ - ٧، والفروع لابن مفلح: ٦/ ٣٤٠.
(٣) الفتاوى: ١/ ١٤٠ - ١٤١، و ٢٤/ ٣٣٥ - ٣٣٦، وقاعدة في التوسل: ٥٠ - ٥١، ٥٥، ٦٣، ١٠٦، ١٤٥، والجواب الباهر: ٣١ - ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>