للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل هذه الرواية هي الراجحة لموافقتها لأقوال الجمهور، ولأنه لم يعلم عن أحد من السلف أنه أجاز القسم بغير الله تعالى، والأهم من ذلك أن الأحاديث الكثيرة صحت في النهي عن الحلف بغير الله تعالى ولا تخفى على مثل الإمام أحمد مع حرصه الشديد على التمسك بالسنة، ومن تلك الأحاديث قوله : "من حلف بغير الله فقد أشرك" (١).

وهذا وعيد شديد وتحذير بالغ فمن هنا يبعد كل البعد أن يصح عن الإمام أحمد تجويزه صحة القسم بالنبي الله كما يبعد - والله أعلم - صحة تجويزه التوسل بالنبي خاصة، ولهذا أفتى أبو محمد العز بن عبد السلام بأنه لا يقسم على الله بالأنبياء والملائكة والأولياء.

وأما بالنسبة إلى النبي فعلق القول به على صحة الحديث وذكر أنه إن صح فينبغي أن يكون خاصًّا بالنبي (٢).

وسيأتي الكلام على الحديث وهو حديث الضرير وعدم دلالته على ذلك.

ويحمل التوسل الذي أجازه الإمام أحمد - على فرض صحة الرواية عنه ـ على التوسل بالإيمان بالنبي ومحبته واتباعه (٣).

والحاصل أنه قد اتفق العلماء على عدم جواز الإقسام بالمخلوق على المخلوق ومنعوا من ذلك، فإذا ثبت هذا فمن باب أولى أن يمنع أن يقسم بالمخلوق على الخالق فشأن الله أعظم من أن يقسم عليه بمخلوق كما في الحديث المتقدم.


(١) تقدم تخريجه ص: ٤٥٥.
(٢) فتاوى العز بن عبد السلام: ١٢٦ - ١٢٧ وفتاوى ابن تيمية: ١/ ١٤١، وقاعدة في التوسل: ١٤٧، والأزهية: ١٧٣.
(٣) قاعدة في التوسل ص: ٦٢، وضمن الفتاوى: ١/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>