للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئًا" (١) فشيئًا نكرة في سياق النفي فتعم.

فمن دعا غير الله تعالى أيًا كان فقد أشرك فلا تناله شفاعة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ففي الحديثين السابقين "جعل النبي أعظم الأسباب التي تنال بها شفاعته تجريد التوحيد عكس ما عند المشركين أن الشفاعة تنال باتخاذهم أولياءهم شفعاء وعبادتهم وموالاتهم من دون الله، فقلب النبي ما في زعمهم الكاذب، وأخبر أن سبب الشفاعة هو تجريد التوحيد فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع" (٢).

وأما الشفاعة المنفية فهي الشفاعة الشركية التي يعرفها الناس عند الإطلاق ويفعلها بعضهم مع بعض وهي أن يشفع الشفيع إلى غيره ابتداء فيقبل شفاعته.

فأما إذا أذن له في أن يشفع فشفع فهي في الحقيقة منه فإنه الذي أذن والذي قبل والذي رضي عن المشفوع والذي وفقه لفعل ما يستحق به الشفاعة وقوله (٣).

وعرفها بعضهم بقوله: هي أن يحمل الشافع المشفوع عنده على فعل أو ترك كان أراد غيره - حكم به أم لا - فلا تتحقق الشفاعة إلا بترك الإرادة وفسخها لأجل الشفيع" (٤).

والمقصود هنا بيان الشفاعة الشركية التي تحصل من الداعين للأموات وذلك أن أحدهم إذا وقع في مشكلة ما ينادي ويستغيث بالميت قائلًا: يا سيدي فلان اشفع لي عند ربك أو توسط لي عند الله أو نحو هذا.


(١) أخرجه البخاري: ١١/ ٩٦ رقم ٦٣٠٤، ومسلم: ١/ ١٨٨/ ١٩٩ من حديث أبي هريرة وأخرجه أيضًا البخاري من حديث أنس برقم ٦٣٠٥، ومسلم برقم ٢٠٠.
(٢) مدارج السالكين: ١/ ٣٤١.
(٣) إغاثة اللهفان: ١٨/ ١٧٢، والفتاوى: ١/ ١١٨.
(٤) تفسير المنار: ١/ ٢٥٥، والإبداع في مضار الابتداع: ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>