وبعضهم يطلب الشفاعة من الأموات أنبياء أو غيرهم من الملائكة والصلحاء في الدار الآخرة، يطلب ذلك الآن في الدنيا فيقول: يا رسول الله اشفع لي يوم القيامة فيطلبها من الرسول ﷺ قبل مجيء وقتها.
وهذه الشفاعة المذكورة ممنوعة في حق الله تعالى، وذلك لأن الشافع في هذه الحالة قَدْ أَثَّرَ في تغيير اختيار المشفوع عنده، فصار شريكًا له في المطلوب، والله منزه عن ذلك (١).
وهذه هي الشفاعة التي نفاها القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ٥١]، وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: ١٢٣].
وقال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٤٤].
فاتضح من هذه الآيات أن هذه الشفاعة قد نفاها القرآن وقطع جذورها واستأصل شأفتها حتى لا يعلق أحد قلبه بغير الله تعالى وحتى يتحقق تجريد التوحيد الله تعالى فأبى أهل الضلال إلا معارضته فأثبتوها بدون شروط، وتعلقوا بها في دعائهم لغير الله تعالى.
وقابل هؤلاء آخرون من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة فنفوها