للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ومنهم الشيخ علي محفوظ صاحب كتاب الإبداع في مضار الابتداع، فقد ذكر أن الشفاعة لا تكون إلا إذا أذن الله للشفيع ثم ذكر أنه قد يغفل عن هذا العوام فتراهم إذا نزل بهم أمر خطير وخطب جسيم في بر أو بحر تركوا دعاء الله تعالى، ودعوا غيره فينادون بعض الأولياء كالبدوي والدسوقي وزينب معتقدين أنهم يتصرفون في الأمور، ولا تسمع منهم أحدًا يخص مولاه بتضرع ودعاء، وقد لا يخطر له على بال أنه لو دعا الله وحده ينجو من تلك الشدائد (١).

ومما يبين غلوهم في دعائهم للولي في حال الشدة، أنهم إذا كانوا ينذرون للولي في الرخاء بعيرًا أو تبيعًا أو شاة أو دينارًا أو درهمًا أو نحو ذلك فإذا أصابتهم الشدة زادوا ضعف ذلك فجعلوا له بعيرين أو تبيعين أو شاتين أو دينارين أو درهمين أو غير ذلك (٢).

فكلما اشتد الكرب والضيق عليهم ازداد غلوهم في مدعويهم وبُعْدُهم عن الطريق المستقيم. ومما يؤكد ذلك أيضًا أنهم لم يقتصروا على دعائهم والاستغاثة بهم بل ادعوا أنه أولى من دعاء الله تعالى وأسرع في الإجابة، لأن هؤلاء يعتقدون أن دعاء الأموات والاستغاثة بهم عند قبورهم أو غير قبورهم أنفع لهم من دعاء الله تعالى في المساجد والأسحار حيث لا يحضرون المساجد، ويعمرون المشاهد، ويحصل لهم رقة وخشوع وحضور قلب عند المشاهد ودعاء الأموات مما لا يحصل مثله بل قريب منه في الصلوات والسجود ودعاء الله تعالى (٣).

٣ - ومن مظاهر تجاوزهم الحد على السابقين أن المشركين الأوائل إذا جهدوا في الأيمان وأرادوا تأكيد القسم أقسموا بالله تعالى، قال تعالى:


(١) الإبداع في مضار الابتداع: ٢١٢.
(٢) معارج القبول: ١/ ٤٤٥.
(٣) الرد على البكري ٣٤٩، وملحق المصنفات: ١٠٥، وروح المعاني: ٢٤/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>