للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ [النحل: ٣٨]، فهؤلاء كفار قريش مع إنكارهم للبعث يقسمون بالله تعالى على ذلك.

وأما المتأخرون فقد انتكست عندهم المفاهيم وتغيرت فطرهم وعقولهم فكانوا إذا جهدوا في أيمانهم وأرادوا التأكيد أقسموا بالولي، وإذا حلف الرجل بالله وبأسمائه فإنه لا يطمئن باله ولا يرتاح قلبه ولا يصدق الحالف حتى يحلف له بشيخه، كما أن الحالف لا يتورع أن يحلف أشد الأيمان باسم الله تعالى كاذبًا فاجرًا وأما باسم الولي فلا يمكن أن يحلف كاذبًا.

وقد يُلْزِمُ بعضُ من نصب على القضاء الخصمَ بالحلف باسم الشيخ أو على باب العتبة إلى غير ذلك.

قال الشيخ حسين النعمي : "وكثيرون - لا يدخلون تحت حد الإحصاء - إذا كان الحلف باسم الله أقدم عليه الحالف بلا مبالاة حتى إذا طلب منه الحلف بصاحب القبر وبالأخص إذا ألزمه محلفه بإمساك حلق باب النصب فلا يتجاسر قط إن كانت يمينًا فاجرة وقد لا يرضى المحلوف له إلا بذلك دون الرسم الشرعي، ويعتقد أنه إن أقدم الحالف فإن كان بارًا وإلا بادره الولي بالعقوبة العاجلة والبطشة الكبرى".

ثم ذكر الشيخ النعمي وقائع من ذلك (١).

وهذا الأمر متواتر عن العامة قد فشا فيهم وانتشر انتشار النار في الهشيم، قال الشوكاني : "وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرًا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرًا فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق، وهذا من أبين


(١) معارج الألباب: ١٧٤ - ١٧٥، وانظر الرد على البكري: ٣٤٨، وملحق المصنفات: ١٠٥، وتفسير المنار: ١/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>