للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة" (١).

٤ - ومن مظاهر غلو المتأخرين في دعاء غير الله تعالى أن الأولين كان غالب ما يدعونه من الصالحين من الملائكة والأنبياء وأتباعهم أو من غير المكلفين من الجمادات كالأشجار والأحجار والأنهار، وهذه الجمادات مطيعة الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: ٤٤].

وأما المتأخرون فكانوا يدعون الطواغيت الذين يَدَّعُونَ الولاية المطلقة والتصرف في الكون والقطبية والغوثية فيصدقهم هؤلاء البلهاء المغرورون فيستغيثون بهم في كشف الملمات، وقضاء الحاجات، ودفع المضرات، ونيل المسرات، مع أن هؤلاء الطواغيت شواهد كذبهم ظاهرة، وعلى صفحات وجوههم بادية، فهم ما بين مجاذيب لا يصلون ولا يتطهرون ولا يتنظفون، بل هم مجمع الأوساخ والقاذورات، وما بين ساحر يحتال بأنواع من الشعوذة والدجل التي لا تخفى إلَّا على الخفافيش، وما بين كذاب استأجر جماعة يتجسسون له ما خفي ويلفقون له الكرامات واعتمادًا على هذا التجسس يدعي العلم بالمغيبات والمكاشفات، مع أنه "من أهل الفجور لا يحضر للمسلمين مسجدًا ولا يرى لله راكعًا ولا ساجدًا ولا يعرف السنة والكتاب ولا يهاب البعث ولا الحساب" (٢).

وإن وجد في بعض من يدعونه صالح فإنه مع براءته عنهم فقد لفق القائمون على قبره حكايات وأساطير يندى لها الجبين ليستولوا على أموال المخدوعين والزائرين الطائفين بضريحه الناذرين لصندوقه.

ثم إننا لسنا الذين نقول إن هؤلاء المدعوين هم من أفسق الناس بل


(١) نيل الأوطار: ٤/ ٩٥.
(٢) تطهير الاعتقاد: ٤، ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>