للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعلن توبته كما أشهر شركه" (١).

أقوال المالكية:

إن الإمام مالكًا رحمه الله تعالى قد تشدد في باب الدعاء فمنع من قول الداعي يا سيدي ويا حنان من الألفاظ التي لم ترد في الكتاب والسنّة، وأمر بالالتزام في الأدعية باللفظ الوارد عن الأنبياء يا رب يا رب (٢).

فإذا كانت سيرته هكذا من الالتزام والتقيد في باب الدعاء بالوارد - فلا يمكن أن يجيز التوسل المبتدع فضلًا عن أن يجيز دعاء غير الله تعالى ونداءه والاستغاثة به واللهج بذكره في كل وقت وآن، فالذي يمنع من قول الداعي المخلص لله أن يقول لله تعالى: يا سيدي فمن باب أولى وأحرى أن يمنع من قول الداعي يا ولي الله فلان افعل لي كذا، فهذا ظاهر واضح.

ثم إن مالكًا كره الوقوف عند قبر النبي للدعاء له أو الدعاء عنده (٣)، وكره لأهل المدينة التردد للسلام عليه (٤) كما كره أن يقال زرنا قبره (٥).

فتحصل مما سبق أن الإمام مالكًا من أشد الناس محاربة للبدع لاسيما في باب الدعاء، فمن هنا يفهم عدم تجويزه لما هو شرك من باب أولى، وعلماء مذهبه لا بد أنهم يتبعون منهجه في ذلك فقد


(١) حكم الله الواحد الصمد: ٤ - ٧.
(٢) انظر العتبية مع البيان والتحصيل: ١/ ٤٥٦ و ١٧/ ٤٢٣.
(٣) الشفا للقاضي عياض: ٢/ ٦٧١، نقلًا عن المبسوط لإسماعيل القاضي، والمنتقى للباجي: ١/ ٢٩٦، والرد على الأخنائي: ٤٦، ١٠٤، والجواب الباهر: ٥٩، ٦٥، والصارم: ١٢٥.
(٤) العتبية: ١٨/ ٤٤٤، والشفا: ٦٧٦، والمنتقى: ١/ ٢٩٦، والرد على الأخنائي: ٤٦، ٩٦.
(٥) الشفا: ٢/ ٦٦٧، والجواب الباهر: ٥٨، والصارم: ٢٦٣، ٢٧١ - ٢٧٩، ومجمع البحار: ٢/ ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>