للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد صرح النعمي بأن دعاء غير الله تعالى من أبلغ الشرك وأفحش الظلم إذ هو وضع للعبادة التي هي من خصائص الله في غير محلها الذي هو المخلوق.

ومنهم الإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت ١٢٥٠ هـ) فإنه قال: إن من اعتقد في ميت من الأموات أو من الأحياء أنه يضره أو ينفعه إما استقلالًا أو مع الله تعالى أو ناداه أو توجه إليه أو استغاث به في أمر من الأمور التي لا يقدر عليها المخلوق لم يخلص التوحيد لله ولا أفرده بالعبادة إذ الدعاء بطلب وصول الخير إليه ودفع الضر عنه هو نوع من أنواع العبادة، وإن الشرك هو دعاء غير الله تعالى، أو اعتقاد القدرة لغيره فيما لا يقدر عليه سواه، أو التقرب إلى غيره بشيء مما لا يتقرب به إلا إليه (١).

وقال أيضًا: إن الواجب على كل من اطلع على شيء مما يفعله المعتقدون في القبور أن يبلغهم الحجة الشرعية ويقول لمن صار يدعو الأموات عند الحاجات ويستغيث بهم عند حلول المصيبات وينذر لهم وينحر لهم النحور، ويعظمهم تعظيم الرب سبحانه: إن هذا الذي يفعلونه هو الشرك الذي كانت عليه الجاهلية (٢).

وقال أيضًا: "وكم سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئًا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه فإنا لله وإنا إليه راجعون.


(١) الدر النضيد ص: ١٨.
(٢) المصدر نفسه: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>