للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي وقعت بينهم وبين غيرهم في هذه المسألة وهي أكبر مسألة دار عليها الجدل منذ زمن الأنبياء والرسل، فالرسل أول ما يطلبون من أممهم إفراد الله تعالى بالعبادة التي هي متضمنة لنوعي الدعاء، فكل نبي يقول لقومه: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩، ٦٥، ٧٣، ٨٥].

ولقد مكث النبي بمكة يدعو إلى هذا الأصل ثلاث عشرة سنة إلى أن استقام الدين وفهمت العقيدة الصحيحة، وأُفرد اللهُ تعالى بنوعي الدعاء وظهر الإسلام وانتشر.

ثم لما ظهر بعض بوادر الفساد في الاعتقاد قيض الله تعالى من يذب عن العقيدة ويكشف انتحال المبطلين وينفي تحريف الغالين مصداقًا لقوله : "إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" (١) فممن قيضهم الله لذلك أئمة السلف وعلماء الحديث فجزاهم الله عن الإسلام خيرًا.

ثم لما ظهرت بوادر الفساد في الاعتقاد في القرون الأخيرة وضعفت العقيدة في نفوس الناس ووقع الشرك وانتشر دعاء غير الله تعالى والاستغاثة بالصالحين قيض الله تعالى في القرن الثاني عشر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه لنصرة العقيدة الصحيحة وبيانها بالحجة والبرهان ثم بالسيف والسنان، وكان الشيخ يصرح بأن دعوته تقوم على النهي عن دعوة غير الله تعالى (٢).

فلهذا كثر كلامه رحمه الله تعالى في هذه المسألة فكان يصرح بها مرات كثيرة، فتارة يتكلم عن الوسائل والأسباب التي تؤدي إليها وتارة عن عواقبها الوخيمة إلى غير ذلك، فكتبه ورسائله تدور حول هذا المعنى وإن


(١) أخرجه أبو داود: ٤/ ٤٨٠ رقم ٤٢٩١، والحاكم: ٤/ ٥٢٢، والخطيب في التاريخ: ١/ ٦١ - ٦٢ والحديث قد سكت عليه الحاكم والذهبي، وقد صححه الألباني في الصحيحة: ٢/ ١٥٠ رقم ٥٩٩، وصحيح الجامع: ٢/ ١٤٢ رقم ١٨٦٨.
(٢) انظر الرسائل الشخصية، القسم الخامس ص: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>