للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنكر الإمام أحمد ما يقع عند قبر الحسين بكربلاء (١).

والذي يظهر أن الذي يقع في ذلك الوقت لا يصل إلى حد دعوة القبر من دون الله تعالى لوضوح هذا الأمر في ذلك الوقت، وحتى ولو فرضنا وقوعه لا يكون بالصورة التي وقعت في المتأخرين من اتخاذ شهر معين عيدًا للقبر والحج إليه كما يشير إلى ذلك كلام شيخ الإسلام السابق، فيكون الواقع من ذلك من بعض الأفراد لا بشكل جماعي، ويكون قاصرًا في الدعاء عندها لا دعاء أصحابها والله أعلم.

٣ - إن هذا السبب الذي تقدم من وضوح العقيدة في الصدر الأول - لاسيما فيما يتعلق بتوحيد الألوهية - هو السبب في عدم كثرة التأليف والردود في هذا الباب، لأن السلف لم يكونوا يؤلفون إلا فيما يرون أن الناس يحتاجون إليه من المسائل التي أثير حولها الجدل أو يخشى أن يلتبس فيها الأمر.

وأما مسألة حكم من دعا غير الله تعالى فليست محل اختلاف فيما بينهم لوضوح أمرها في كتاب الله العزيز وسنة النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه.

ويشهد لهذا الذي قلناه ما ذكره شيخ الإسلام من أن السلف لم يتكلموا في القدرية الدافعين بالقدر الأمر والنهي والطاعنين به على الرب وإنما تكلموا في المكذبين به لوجود هؤلاء بكثرة دون الأولين، وقد تقدم نحو هذا فيما سبق والله أعلم.

ويشهد لهذا أيضًا أن بعض أئمة السلف، وهو ابن خزيمة، عَدَّ وقوع ذلك من مسلم محالًا كما تقدم (٢) كما يشهد له أن بعض أئمة السلف تعرضوا للكلام في هذه المسألة عندما احتاجوا للكلام بسبب خوضهم في مسألة القرآن وممن تعرض للكلام فيها الإمام أحمد ونعيم بن حماد والبخاري وسوار القاضي والخلال وابن خزيمة وابن بطة والخطابي والبيهقي، وقد نقلنا عباراتهم فيما تقدم (٣).


(١) اقتضاء الصراط: ٣٠٥ - ٣٠٦، ونحوه في الجواب الباهر: ٦٣.
(٢) تقدم ص: ٤٢٧.
(٣) تقدم ص: ٤٢٦ - ٤٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>