للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه قال في تعريف العبادة: "والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل … ولذلك لم تستعمل إلا في الخضوع لله تعالى لأنه مولى أعظم النعم، فكان حقيقيًا بأقصى غاية الخضوع" (١).

كما يؤيد ذلك أيضًا كلام الراغب الأصفهاني حيث قال: "العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو الله تعالى" (٢).

ولكن الراغب لم ينف الاستعمال اللغوي، وإنما نفى الاستحقاق. وقد ذهب إلى قريب من تعريف الزمخشري الشيخ محمد رشيد رضا تبعًا لشيخه محمد عبده حيث قال: "ضَرْبٌ من الخضوع بالغٌ حَدَّ النهاية، ناشئٌ عن استشعارِ القلب عظمةً للمعبود لا يعرف منشأها، واعتقادِه بسلطة له لا يدرك كنهها وماهيتها، وقُصَارَى ما يعرفه منها أنها محيطة به، ولكنها فوق إدراكه" (٣). وقريب من هذا تعريف الشيخ عبد الرحمن المعلمي بأنها الخضوع طلبًا للنفع الغيبي (٤) وقال في كتابه العبادة: خضوع اختياري يطلب به نفع غيبي فإن كان الله زيد "بسلطان" وإن كان لغيره زيد "بغير سلطان" (٥).


(١) الكشاف: ١/ ١٠، وتطهير الاعتقاد ص: ١١.
(٢) المفردات ص: ٣١٩.
(٣) تفسير المنار: ١/ ٤٨، وله تعريف قريب من هذا حيث قال: "وأدق تعريف لها أن يقال: هي كل قول وعمل بدني أو نفسي يوجه ويتقرب به إلى من يعتقد فاعله أن له قدرة على النفع ودفع الضر فوق الأسباب التي يقدر عليها البشر إما بذاته كالخالق تعالى وإما بالوساطة والتأثير عنده تعالى" ذكره في تعليقه على مجموعة الرسائل: ٤/ ٥٢٥، وله تعريف آخر أيضًا في تعليقه على مجموعة الرسائل: ٤/ ٨٤٨، وتعريف آخر في هامش صيانة الإنسان ص: ٢٢٧ وكلها تدول حول ملاحظة السلطة الغيبية في العبادة.
(٤) القائد إلى تصحيح العقائد ص: ١٠٥ و ١٠١.
(٥) العبادة: ل ٤٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>