للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشمله ظاهر الحديث. فلو لم يكن هناك سر وحكمة في تلك الألفاظ المعينة لما قيد ترتب الثواب والأجر عليها ترتبَ الجزاء على الشرط.

قال بعض العلماء: إن الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلوات إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد المذكور لا يحصل له الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة ذلك العدد.

وعلل ذلك بعضهم بأن من شأن العظماء إذا حدوا شيئًا أن يوقف عنده ويعد الخارج عنه مسيئًا للأدب، ومثّل ذلك بعضهم بالدواء إذا زيد على وصف الطبيب لا يحصل الانتفاع به بل ربما يضر (١).

٤ - ما ورد عن بعض الصحابة أنهم طلبوا من النبي دعاء يدعون به، فلو كان الدعاء لا يحتاج إلى توقيف وتعليم وبيان لدعوا به من عند أنفسهم، وهم أهل الفصاحة والبلاغة، وقد عرفوا ما يدعى به من خيري الدنيا والآخرة، ولكن لمعرفتهم أن الدعاء عبادة وأنه يحتاج إلى توقيف من النبي طلبوا تعليمه.

ومما ورد في ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق أنه قال لرسول الله : "علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" (٢).

فقد طلب الصديق الأكبر تعليم الدعاء فأرشده إلى هذا الدعاء.

قال الحافظ : "وفي هذا الحديث من الفوائد استحباب


(١) الفتح: ٢/ ٣٣٠.
(٢) أخرجه البخاري: ٢/ ٣١٧ رقم ٨٣٤، ومسلم: ٤/ ٢٠٧٨ رقم ٢٧٠٥.
٥٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>