للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الابتداع في باب الذكر والدعاء قد حصل في عهد مبكر إذ وفاة ابن مسعود سنة ٣٢ من الهجرة.

وهذا الأثر هو ما روي أن ابن مسعود وأبا موسى أنكرا على قوم يجلسون حلقًا في المسجد ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى فيقول: "كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة ويقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة، فوقف عليهم ابن مسعود فقال لهم: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون … " (١).

فقد أنكر هذان الصحابيان الجليلان الاجتماع للذكر على هذه الصورة المعينة كما أنكرا عد الذكر بالحصى.

وقد علمنا في التعريف العلاقة بين الذكر والدعاء فهما متلازمان أو مترادفان، فهذه البدعة التي أنكراها من البدع الإضافية لأن أصل الذكر مشروع وإنما السبب في كونه بدعة ما قارنه من الكيفية التي لم تكن في زمان النبي ، وأكثر الأدعية المبتدعة التي سنذكرها من هذا الباب فهي من البدع الإضافية.

هذا وقد وردت قصة أخرى أسبق من هذه في زمن عمر إذ روي أنه كتب إليه عامل له أن ههنا قومًا يجتمعون فيدعون


(١) أخرجه الدارمي: ١/ ٦٠ رقم ٢١٠، وابن وضاح ص: ١١ - ١٣ - ٢١، ونحوه عن ابن مسعود أيضًا أخرجه ابن وضاح ص: ١٢.
قال الألباني في إسناد الدارمي: "وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري في صحيحه غير عمارة وهو ثقة" (التعقب الحثيث ص: ٤٧) وقال في سند ابن وضاح سنده إلى الصلت صحيح وهو ثقة من أتباع التابعين إلا أنه منقطع، راجع الضعيفة: ١/ ١١٢، والتعقب: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>