للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يدل على أن ابن عباس ما كان ينهى عكرمة إلا عن أمر كان يوجد عند الناس ولو بصورة نادرة.

ولكن يحتمل أن يقال: إن هذا ليس نهيًا عن الأمر الواقع، ولكنه فَهْمٌ فهمه ابن عباس من تتبع أدعية النبي وصحابته فلم يجد فيها السجع المتكلف فخاف أن يقوله عكرمة فنهاه، أو أنه فهم من نحو قوله : "سيأتي أقوام يعتدون في الدعاء" (١) أن السجع في الدعاء سيقع فنهاه عنه.

ولكن هناك نص آخر عن ابن عباس أصرح من هذا النص في المطلوب وهو ما ذكره أبو سليمان الخطابي عندما ذكر غلط كثير من الناس في مثل قولهم: يا رب طه ويس ويا رب القرآن العظيم، قال: "وأول من أنكر ذلك ابن عباس " (٢) فهذا الأثر إن ثبت دليل على بداية الانحراف في الأدعية وابتداع كلمات غير واردة في الكتاب والسنة في أواخر القرن الأول لأن ابن عباس توفي في الثلث الأخير من القرن الأول عام ٦٨ هـ.

ويؤيد وقوع ذلك ما روي عن عروة بن الزبير أحد فقهاء السبعة وكبار التابعين أنه كان إذا عرض عليه دعاء فيه سجع عن النبي وعن أصحابه قال: كذبوا لم يكن رسول الله ولا أصحابه سجاعين (٣).

ويدل أثر ابن مسعود وأبي موسى الأشعري على أن


(١) تقدم ص: ١٧٤.
(٢) شأن الدعاء للخطابي ص: ١٧ ثم رأيت شيخ الإسلام ذكر أن ابن أبي حاتم أخرج هذا الأثر بإسناده في كتاب الرد على الجهمية فساق إسناده. انظر منهاج السنة: ٢/ ٢٥٢ - ٢٥٣، وأخرجه الجوزقاني في الأباطيل: ٢/ ٢٨٧، واللالكائي: ٢/ ٢٣٠ رقم ٣٧٦، والبيهقي في الأسماء ص: ٣١٢، والمقدسي في اختصاص القرآن رقم ١٢، وابن بطة في الإبانة: ق ٢/ ٤٨٣ كلهم من طريق علي بن عاصم وهو صدوق يخطئ كما في التقريب: ٤٧٥٨.
(٣) الحوادث والبدع للطرطوشي ص: ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>