للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيبة مناجاة خالقها والتملق له والتضرع إليه والتذلل له والانطراح بين يديه، فهي تجبر القلوب المنكسرة، وتشفي النفوس العليلة ولا تحيط العبارة بما يجد الداعي الملتزم بالدعاء المشروع من لذة المناجاة وحلاوة الضراعة بين يدي الرؤوف الودود ذي العرش الكريم، إذ في ألفاظ الأدعية المشروعة ما يأخذ بالألباب ويجذبها إلى باريها ويوصلها إلى محبة الله تعالى والتعلق به خوفًا ورجاءً، فمن يستبدلها بالأدعية المبتدعة فقد استبدل الخبيث بالطيب واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير وترك النصيب الأوفى والحظ الأوفر.

٢ - إن الأدعية المبتدعة تفوت العبد الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي يحصل لمن التزم بالأدعية الواردة وحافظ عليها وطبقها حسب ورودها ليل نهار، فهذا الداعي قد حاز السبق وتعرض لنفحات الرب واستفتح أبواب الرحمة وتعرض لفضل جود الرب بأقرب وسيلة، بخلاف الداعي المبتدع فقد فوت على نفسه الأجر والثواب، وتعرض لسخط الله وغضبه وابتدع في دين الله ما لم يشرعه فهو على خطر.

٣ - عدم إجابة الأدعية المبتدعة مع أن الهدف الأساسي للداعي في الغالب هو إجابة مطلوبه ونيل مرغوبه ودفع مرهوبه، والأدعية المبتدعة لا يجاب الداعي بها في الغالب وإن كان قد يجاب المضطر لأسباب سيأتي ذكرها (١).

فالعاقل يجتهد في الالتزام والتقيد بالأسباب التي تسرع في إجابة دعائه كما يجتهد في الابتعاد عما يسبب له عدم الإجابة، وقد دلت الأدلة على أن المبتدع لا يقبل الله منه عمله (٢)، والدعاء هو من العمل الذي


(١) سيأتي ص: ٨١٤.
(٢) من ذلك حديث: كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد، ومن ذلك أيضًا حديث علي مرفوعًا: "من أحدث فيها حدثًا فعليه لعنة الله … " وفيه: "لا يقبل منه صرفًا ولا عدلًا" البخاري: ٤/ ٨١ رقم ١٨٦٧ وحديث الخوارج تحقرون صلاتهم إلخ .. ومن ذلك أيضًا أثر الحسن البصري "صاحب البدعة لا تقبل له صلاة … " إلخ. أخرجه ابن وضاح: ٢٧، والآجري في الشريعة: ٩٤، ونحوه عن الأوزاعي =

<<  <  ج: ص:  >  >>