للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجو الداعي قبوله، فإذا كان لا يقبل منه هذا الدعاء الذي ابتدع فيه فلماذا يسعى هذا الداعي المبتدع فيما يحبط عمله ويمنعه من الوصول إلى إجابة مطلوبه؟ كما أنه يحتمل أن لا يقبل له جميع أعماله، فعلى هذا يكون أثر الابتداع أشد حيث تسبب له في رد جميع الأعمال (١).

٤ - إن الأدعية المبتدعة تشتمل في الغالب على محذور شرعي وقد يكون ذلك المحذور وسيلة من وسائل الشرك وذرائعه، إذ البدعة تجر إلى الشرك والضلال، فمن الأدعية البدعية التي تجر إلى الشرك، التوسل البدعي فهو الذي فتح الباب لدعاء غير الله والاستغاثة والاستمداد بغير الله إذ لولا اعتماد الجهال عليه لما حصل ما حصل، وقد يكون ذلك المحذور اعتداء في الدعاء ومجاوزة للحد وسوء أدب في خطاب الرب ومناجاته، وقد يكون ذلك المحذور ما يصحب تلك الأدعية من بدع أخرى من تحديدها بأوقات معينة وبصفات خاصة ومن رفع الأصوات على نغمات معينة وإيقاعات خاصة وأسجاع مصطنعة وتراكيب ركيكة تمجها الأسماع وتستقبحها القريحة السليمة.

والأدعية المبتدعة لا تخلو في الغالب من الاشتمال على بعض هذه الأمور فهي لا بد أن توقع في المحاذير والمفاسد التي لا ينجو منها إلّا من التزم بالأدعية الصحيحة واعتنى بها حفظًا وتطبيقًا ونشرًا، جعلنا الله تعالى منهم بفضله وكرمه.

قال الخطابي : "أولى ما يدعى به ويستعمل منه ما صحت به الرواية عن رسول الله ، وثبت عنه بالأسانيد الصحيحة، فإن الغلط يعرض كثيرًا في الأدعية التي يختارها الناس، لاختلاف معارفهم وتباين مذاهبهم في الاعتقاد والانتحال، وباب الدعاء مطية مظنة للخطر، وما


= وهشام بن حسان وأيوب السختياني أخرجها عنهم ابن وضاح في ص: ٤ و ٢٧، ورواه أسد بن الفرات مرسلًا كما أخرجه ابن وضاح ص: ٧.
(١) انظر هذا الموضوع في الاعتصام: ١/ ١٠٧ - ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>