للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت قدم الداعي دحض فليحذر فيه الزلل وليسلك منه الجدد الذي يؤمن معه العثار، وما التوفيق إلا بالله ﷿" (١).

فرحم الله الخطابي فماذا يقول لو رأى ما وصل إليه المسلمون في باب الدعاء من تجاوزات خطيرة وصلت إلى حد دعاء غير الله تعالى والاستغاثة به حتى صار ذلك أمرًا معروفًا إذا أنكر قامت القيامة واتهم المنكر بأنواع التهم من الشذوذ والتطرف والمذهب الخامس وبغض الصالحين وتنقصهم وغير ذلك؟!

وقال الغزالي: "والأولى أن لا يجاوز الدعوات المأثورة فإنه قد يعتدي في دعائه فيسأل ما لا تقتضيه مصلحته، فما كل أحد يحسن الدعاء" (٢).

٥ - إن الأدعية المبتدعة من التزم بها واعتادها قلما يرجع عنها إلى الأدعية المشروعة إلَّا في بعض الأحيان التي يوفق الله فيها من يشاء وذلك لأن القلوب متى اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن (٣)، وذلك لأن الملتزم بتلك الأدعية المبتدعة يعتقدها مشروعة ويدافع عنها بكل قواه كل من ينكر عليه، ولا يستمع إلى حجة ولا برهان، ولا يفكر في حجة المنكر ولا يجري في خلده احتمال كونها غير مشروعة جريًا على عادته ومألوفه وتحسينًا للظن بالذين ابتدعوها.

وقد ذكر السلف الصالح رضوان الله عليهم أن صاحب البدعة لا يراجع السنة الصحيحة ولا يعود إليها (٤) ويؤيد ما ورد عن السلف ما جاء في حديث الخوارج.

"يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون


(١) شأن الدعاء للخطابي: ٢ - ٣.
(٢) الإحياء: ١/ ٣٦٣، وعنه في الأذكار: ٣٥٣.
(٣) اقتضاء الصراط: ٣٨٣.
(٤) فقد ذكر ذلك الدارمي عن ابن سيرين: ١/ ٦١ رقم ٢١٤، وذكره ابن وضاح عن أبي عمرو الشيباني ص: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>