للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: هذا تفسيره ثم قال: أما علمت قول أمية (١) بن أبي الصَّلت حين أتى ابن جدعان (٢) يطلب نائله وفضله:

أأطلب حاجتي أم قد كفاني … حياؤك إن شيمتك الحياء

إذا أثنى عليك المرء يومًا … كفاه من تعرضه الثناء (٣)

قال سفيان ، هذا مخلوق حين ينسب إلى أن يكتفى بالثناء عليه فكيف بالخالق ؟ (٤). فعلى هذا القول إن الذكر ليس طلبًا ولكنه تعرض للنوال والعطاء.

ب - وقد ذهب ابن تيمية وابن القيم إلى أن الثناء نفسه يعد نوعًا من أنواع الطلب وذلك لأن الثناء يتضمن الطلب فقد سمى النبي : الحمد دعاء، في حديث: "وأفضل الدعاء الحمد لله" مع أن الحمد: "ثناء


(١) أمية بن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة أبو عثمان وأبو الحكم، الثقفي، شاعر جاهلي أدرك الإسلام، وكاد أن يسلم، انظر البداية: ٢/ ٢٠٥ - ٢١٣.
(٢) وابن جدعان هو عبد الله بن جدعان أحد الكرماء الأجواد الممدوحين المشهورين وهو جاهلي أيضًا وكان له جفنة يأكل الراكب منها وهو على بعيره من عرض حافتها وكثرة طعامها. اهـ. البداية: ٢/ ٢٠٢ - ٢١٣.
(٣) ديوان أمية بن أبي الصلت ص: ٣٣٣ - ٣٣٤، والتمهيد لابن عبد البر: ٦/ ٤٤، وشأن الدعاء ص: ٢٠٧، والبداية: ٢/ ٣١٣، وهناك رواية أخرى: حباؤك إن شيمتك الحباء، كما أن هناك عدة أبيات بين هذين البيتين منها:
وعلمك بالأمور وأنت قرم … لك الحسب المهذب والثناء
كريم لا يغيره صباح … عن الخلق السني ولا مساء
إلى أن يقول: إذا أثنى عليك المرء يومًا … إلخ.
(٤) التمهيد لابن عبد البر: ٦/ ٤٣ - ٤٥، وشأن الدعاء للخطابي ص: ٢٠٦ - ٢٠٧، وفيه قول السائل لابن عيينة بعد ذلك، لما سألت سفيان عن هذا، فكأني إنما سألته عن آية من كتاب الله لأني لم أدع كبير أحد بالعراق إلا سألته عنه، فما فسره لي كما فسر ابن عيينة، وانظر أيضًا: شرح مسلم للنووي: ١٧/ ٤٨، وفتح الباري: ١١/ ١٤٧، والمنهاج للحليمي: ١/ ٥٣٧ - ٥٣٨، والفتاوى: ١٠/ ٢٤٥، وتحفة الجليس ص: ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>