للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباس أم هل يفعل هذا مؤمن؟ فلو كان التوسل به في مماته كما كان في حياته لزم أن يكون المهاجرون والأنصار إما جاهلين بهذه التسوية وهذا الطريق أو أنهم سلكوا في مطلوبهم أبعد طريق، وكلاهما لا يصفهم به إلا من كان من جنس الرافضة الأراذل القادحين في أولئك الأفاضل. ثم سلف الأمة وأئمتها سلكوا سبيل الصحابة في التوسل في الاستسقاء بالأحياء الصالحين الحاضرين.

ولم يذكر أحد منهم ذلك التوسل بالأموات لا من الرسل ولا من الأنبياء ولا من الصالحين" (١).

وأما جواب من (٢) قال: إن عمر فعل ذلك للإشارة إلى جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل.

فيقال في (٣) جوابه:

١ - إنه يمتنع في العادة أن يلجأ المضطر في حالة الشدة إلى المشكوك فيه مع وجود من يتيقن إجابة دعائه، فالمضطر يلجأ إلى أعظم من يخلصه وينسى غيره.

ويدل لهذا صنيع المشركين في الشدة. قال تعالى:

﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٦٧].

قال شيخ الإسلام على لسان الصحابة: "فلم نعدل عن الأمر المشروع … وفي ذلك ترك السنة المشروعة وعدول عن الأفضل وسؤال الله بأضعف السببين، مع القدرة على أعلاهما ونحن مضطرون غاية الاضطرار في عام الرمادة الذي يضرب به المثل في الجدب" (٤).


(١) الرد على البكري: ١٢٦ - ١٢٧.
(٢) قد أجاب بهذا دحلان في الخلاصة: ٢٤٤، وفي الدرر: ١٣، والكوثري في محق التقول: ٣٨٨ والغماري في الإتحاف ١٦، والرد المحكم: ١٦٢.
(٣) التوسل وأنواعه ص: ٦٥.
(٤) قاعدة في التوسل: ٦٥، وضمن الفتاوى: ١/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>