للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول ، كل هذا لا يدل إلَّا على حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم حقيقتها وكيفيتها، وثبوت هذه الحياة لا يستلزم جواز دعائهم ولا الاستغاثة بهم لأوجه:

١ - الأنبياء في حال حياتهم الدنيوية لا يجوز دعاؤهم ولا الاستغاثة بهم إلا فيما يقدرون عليه، فمن باب أولى إذا انتقلوا من هذه الدار أن لا يجوز ذلك.

٢ - الغائب عن النبي في حال حياة النبي لا يمكن أن يطلب منه الدعاء والشفاعة والاستغاثة فمن باب أولى في حال وفاته صلوات الله وسلامه عليه.

٣ - إن دعاء الأنبياء -وإن كانوا أحياء في قبورهم- يستلزم اعتقاد أنهم يعلمون بمن يدعوهم ويستغيث بهم، ويسمعون نداءه واستغاثته والعلم المحيط والسمع المحيط من خواص الله تعالى.

٤ - ولو فرضنا علمهم وسمعهم لذلك فلا يجوز دعاؤهم لأن الأنبياء كانوا يحذرون من يفعل ذلك معهم في حال حياتهم بل يحذرون مما هو أقل من ذلك، فقد ورد عن نبينا قوله لمن قال له: ما شاء الله وشئت: "أجعلتني الله ندًا" (١)، ولما سمع قول الفتاة في العرس: "وفينا نبي يعلم ما في غد" نهاها (٢).

٥ - ثم ما يفعلونه في الحياة البرزخية من الأمر الكوني فلا يزيد بسؤال السائل، وذلك مثل دعاء حملة العرش والملائكة للمؤمنين فلا يجوز مع علمنا بأن الملائكة يدعون لنا أن ندعوهم وكذلك الأنبياء بعد مماتهم، وسيأتي بيان هذا (٣).


(١) تقدم تخريجه: ٤٥٥.
(٢) تقدم تخريجه: ٤٩٥.
(٣) سيأتي ص: ٧٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>