للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: بأنه لا حاجة إلى تقدير مضاف لأن معنى التوسل والتوجه والاستشفاع في عرف الصحابة ولسانهم هو التوسل بالدعاء، ولا يفهمون منه غير هذا كما تقدم بيان ذلك فلا نقدر أَيَّ محذوف.

أو يقال: "بأنه لا بد من تقدير مضاف إما بدعاء أو بذات نبينا والأدلة تؤيد تقدير بدعاء نبينا" (١).

والجواب الأول أولى لأن هذا التوهم لحاجة الكلام إلى التقدير إنما وقع عندما حصل خلط ولبس في معنى التوسل، وأما الأوائل فلا يفهمون منه إلا التوسل بالدعاء.

وبهذا اتضح أن الحديث إنما يدل على التوسل بدعاء الحي الحاضر ولا يدل على التوسل بذوات الموتى أو الغائبين.

ومن الأحاديث الصحيحة التي استدلوا (٢) بها على نفع الأموات وجواز دعائهم ما ورد في أحاديث الإسراء من قوله : "مررت على موسى يصلي في قبره"، ومراجعته للنبي في تخفيف الصلاة.

وحديث صلاة موسى في قبره أخرجه مسلم (٣)، وأما حديث المراجعة فمتواتر من طرق كثيرة في أحاديث الإسراء (٤).

ولكن صلاة موسى، وقصة مراجعته، وكذلك صلاة الأنبياء خلف


(١) التوسل أنواعه: ٥٥، ونحوه في البصائر: ٣٣٧، وروح المعاني: ٦/ ١٢٦.
(٢) احتج به داود بن جرجيس في المنحة الوهبية ص: ٥، وتلميذه كما في مصباح الظلام ص: ٢٤٥، وصاحب المفاهيم: ١٦٩ - ١٧٠، وانظر جلاء العينين ص: ٤٤١.
(٣) صحيح مسلم: ٤/ ١٨٤٥ رقم ٢٣٧٥، ١/ ١٥٧ رقم ١٧٢، ومع إخراج مسلم له قال ابن القيم مظهراً عدم طمأنينته من صحته في النفس منه حسيلة هل قاله: والحق ما قال ذو الفرقان". اهـ. النونية مع شرح الهراس: ١/ ٢٩٣.
(٤) وانظر تفسير ابن كثير: ٣/ ٢ - ٢٤، فهو أوسع من وقفت على كلامه في إيراد طرق تلك الأحاديث وفيها المراجعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>