للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله أيضاً: إن قوله: وإنا نتوسل إليك بعم نبينا إنشاء للتوسل بذات العباس وليس خبراً وكذلك كنا نتوسل إليك بنبينا إنشاء وليس خبراً، أو أنه منصب على ما قبل هذا القول، فالصحابة على هذا كانوا يتوسلون بالنبي في حياته، وبعد لحوقه بالرفيق الأعلى.

وأما قصر ذلك على ما قبل وفاته تقصير عن هوى، وتحريف لنص الحديث وتأويل بدون دليل (١).

فهذا القول الذي زعمه الكوثري باطل وافتراء على الصحابة بل هو الأنسب بأن يوصف بما قاله من كونه تقصيراً عن هوى وتحريفاً وتأويلاً بلا دليل، وهذا ليس تحاملاً عليه ولكن لما ثبت وورد في طرق الحديث من التقييد بعهد النبي نصاً مصرحاً به.

فقد أخرج الحديث نفسه ابن حبان والإسماعيلي في مستخرج البخاري مقيداً وإليك لفظه: "عن أنس قال: كانوا إذا قحطوا على عهد النبي استسقوا بالنبي فيستسقى لهم، فيسقون، فلما كان بعد وفاة النبي في إمارة عمر قحطوا فخرج عمر بالعباس يستسقي به فقال: "اللهم إنا كنا إذا قُحِطنا على عهد نبيك واستقينا به فسقيتنا به، وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك فاسقنا، قال فسقوا" (٢). فتبين بهذا أنه جاء مقيداً بعهده وأنَّه خبر لا إنشاء، وفائدة الخبر هو ذكر إجابة الله لهم سابقاً وأنَّه لا يخيبهم كما قال زكريا : ﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤)[مريم: ٤].

وأما القول بأن قول عمر كنا نتوسل بنبينا إذا قلنا توسل بالذات لا يحتاج إلى تقدير، وأما إذا قلنا إنه توسل بدعائه فيحتاج إلى تقدير مضاف محذوف ولا حاجة إلى الحذف والقول به بدون أي حاجة (٣).


(١) المرجع نفسه: ٣٨٠.
(٢) أخرجه ابن حبان: الإحسان ٤/ ٢٢٨ رقم ٢٨٥٠، والإسماعيلي كما في الفتح: ٢/ ٤٩٥.
(٣) محق التقول ضمن المقالات: ٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>