للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو خالف عبد المجيد واحدًا من هؤلاء -يعد شاذًا فكيف وقد خالف جميعهم؟ فهو شاذ بدون أدنى شك، بل يمكن اعتبار هذه الزيادة منكرة باعتبار الكلام الذي في عبد المجيد.

وربما يقول قائل: إن هذه الزيادة تعد من زيادة الثقة باعتبار قول من وثق عبد المجيد فلا بأس بها. فنقول جوابًا لهذا الادعاء المفترض:

هذه القاعدة ليست مطردة عند نقاد الحديث، وإنما كانوا ينظرون إلى القرائن والأحوال (١).

فالذي يدل عليه كلام الحفاظ مثل أحمد وغيره أن زيادة الثقة إن لم يكن مبرزًا في الحديث والتثبت على غيره ممن لم يذكر الزيادة ولم يتابع عليها فلا يقبل تفرده، وإن كان ثقة مبرزًا في الحفظ على من لم يذكرها ففيه عن أحمد روايتان (٢).

وقد نقل الحافظ ابن حجر عن العلائي قوله: "وكلام الأئمة المتقدمين في هذا الفن كعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل والبخاري وأمثالهم يقتضي أنهم لا يحكمون في هذه المسألة بحكم كلي، بل عملهم في ذلك دائر مع الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في كل حديث حديث" (٣).

ووجه عدم قبول زيادة الثقة مطلقًا -هو لأجل ما يحصل من غلبة الظن أن الثقة الواحد الزائد هو الذي أخطأ، حيث إن مخرج الحديث واحد فيرويه جماعة من الحفاظ الأثبات على وجه، ويرويه ثقة دونهم في


(١) انظر في هذا البحث الكتب التالية: النكت لابن حجر: ٢/ ٦٠٣ - ٦١٣ و ٦٨٦ - ٧٠٢، وتوضيح الأفكار: ١/ ٣٣٩، ٣٤٣، وفتح الباري: ١٠/ ٢٠٣، وشرح علل الترمذي: ٣٠٦ - ٣١٦، ومقدمة الإلزامات والتتبع للشيخ مقبل: ١١ - ٢٢.
(٢) شرح علل الترمذي: ٣٠٩.
(٣) النكت على ابن الصلاح: ٢/ ٦٠٤، وفتح المغيث: ١/ ٢١٧، وتوضيح الأفكار: ١/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>