للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)[الإسراء: ٥٦، ٥٧]، فنهى سبحانه عن دعاء الملائكة والأنبياء مع إخباره لنا أن الملائكة يدعون لنا ويستغفرون، ومع هذا فليس لنا أن نطلب ذلك منهم، وكذلك الأنبياء والصالحون وإن كانوا أحياء في قبورهم، وإن قُدِّرَ أنهم تعرض عليهم أعمال الأحياء وأنهم يدعون لذلك فليس لأحد أن يطلب منهم ذلك ولم يفعل ذلك أحد من السلف، لأن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم وعبادتهم من دون الله تعالى، بخلاف الطلب من أحدهم في حياته، فإنه لا يفضي إلى الشرك لأنهم لا يقرون أحدًا على الشرك.

ولأن ما تفعله الملائكة ويفعله الأنبياء والصالحون بعد الموت هو بالأمر الكوني، فلا يؤثر فيه سؤال السائلين، بخلاف سؤال أحدهم في حياته، فإنه يشرع إجابة السائل، وبعد الموت انقطع التكليف عنهم فما يفعلونه بعد الموت فهو أمر محدود يفعلون منه ما أمر الله به، لا يزداد بسؤال السائلين فليس في سؤالهم إياه منفعة بل مضرة (١).

ثم إنهم إذا شفعوا لعبد بعد إذن الله لهم - شفعوا رغبة في رضا الله تعالى وطاعة له فقط (٢).

وأما تأييد الحديث (٣) بما ثبت من شهادته على أمته يوم القيامة بالقول بأن ذلك يستلزم علمه بأعمالها - فمنقوض من وجوه:

١ - إن شهادته لا يلزم أن تكون على أعمالهم بالتفصيل وإنما


(١) الرد على البكري: ١١٥ - ١١٦ و ٢٣٤ - ٢٣٥، ٢٦٢، وقاعدة في التوسل: ١٣٦ - ١٣٧ و ١٥١، وضمن الفتاوى: ١/ ٣٥٤، والفتاوى: ٢٧/ ٨١.
(٢) القائد إلى تصحيح العقائد ص: ١٠١.
(٣) انظر نهاية الآمال: ١٩ - ٢٣، والرد المحكم: ١٨٣، وعنه في مفاهيم منتحلًا: ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>