للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - إن عرض الأعمال على فرض ثبوته يكون مثل ما كان يقع في حياة النبي من الأخبار التي تصله عن بعض الصحابة الذين غابوا عنه، إما في سرية أو تجارة أو الذين هاجروا إلى الحبشة أو المدينة وهو في مكة، ولم يثبت أن أحدًا من هؤلاء الصحابة ممن وقعوا في الشدة والكرب أنهم استغاثوا بالنبي ، فقد وقع كثير منهم في الشدة كما في قصة خبيب بن عدي، وأصحاب بئر معونة (١)، والمهاجرين إلى الحبشة الذين طال مكثهم هناك أكثر من عشر سنوات ومرت عليهم ظروف قاسية (٢). لم ينقل أنهم استغاثوا بالنبي ولا توسلوا بجاهه، وقد قال خبيب بن عدي عندما أرادوا قتله:

لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا … قبائلهم واستجمعوا كل مجمع

إلى أن قال:

إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي … وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

فذا العرش صبرني على ما يراد بي … فقد بضعوا لحمى وقد ياس مطمعي" (٣).

ولم يقل خبيب: إلى رسول الله أشكو بل إلى الله أشكو بصيغة الحصر بتقديم الجار والمجرور. وقد أُقِرُّوا على هذا من الرسول الكريم .

ولو تتبع ما وقع للصحابة من الشدائد في حياة النبي وبعد وفاته لطال البحث.

والمقصود أنهم لم يدعوا باستغفار الرسول ولا توسلوا بذلك.

٤ - ثم إن الله حذر من دعاء الملائكة والأنبياء في


(١) البخاري، المغازي: ٧/ ٣٧٨ - ٣٨٦.
(٢) البخاري، المغازي: ٧/ ٤٨٤ - ٤٨٥.
(٣) سيرة ابن هشام: ٢/ ١٧٦، وقال ابن هشام: وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها، ولكن قد ثبت بعض الأبيات في الصحيح، انظر البخاري مع الفتح: ٧/ ٣٧٩، وقد ذكر الحافظ أن عند أبي الأسود عن عروة زيادة في البيت فذكر البيتين الأولين، انظر الفتح: ٧/ ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>