للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برواية عرض الأعمال عامة، وقد قال شيخ الإسلام بعد أن أورد نصوصًا في عرض الصلاة على النبي : "فهذه النصوص التي ذكرنا تدل على أنه يسمع سلام القريب، ويبلغ سلام البعيد وصلاته، لا أنه يسمع ذلك من المصلي والمسلم، وإذا لم يسمع الصلاة والسلام من البعيد إلا بواسطة فإنه لا يسمع دعاء الغائب واستغاثته بطريق الأولى والأحرى، والنص إنما يدل على أن الملائكة تبلغه الصلاة والسلام ولم يدل على أنه يبلغه غير ذلك" (١).

وقال أيضًا: "وقول القائل: إنه يسمع الصلاة من البعيد ممتنع، فإنه إن أراد وصول صوت المصلي إليه فهذه مكابرة، وإن أراد أنه هو يكون بحيث يسمع أصوات الخلائق من بعيد، فليس هذا إلا لله رب العالمين الذي يسمع أصوات العباد كلهم، قال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠)[الزخرف: ٨٠]، وقال: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ﴾ الآية [المجادلة: ٧]، وليس أحد من البشر بل ولا من الخلق أصوات العباد كلهم … " (٢).

هـ - ثم إنه لو ثبت عرض الأعمال لا يصح الاستدلال به علي جواز الدعاء بالرسول أو دعائه، وذلك لأمور:

١ - إنه كان يستغفر لأمته في حياته فلم يكن الصحابة يسألون الله تعالى بذلك الاستغفار، ولم يدعوا الرسول به مع أنه أبلغ وأقطع من استغفاره بعد موته.

٢ - الدعاء عبادة، ولم يشرع لنا هذا الدعاء لأنه لو شرع لسبقنا إليه خير القرون، ومن قال بمشروعيته فقد جهلهم (٣).


(١) الرد على البكري: ٣٤، وانظر أيضًا الرد على الأخنائي: ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) الرد على الأخنائي: ٢١٠ - ٢١١.
(٣) مصباح الظلام ص: ٢٠٩، وهذه مفاهيمنا: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>