للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨].

وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣].

قال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية: "وحاصل الكلام لعباد الأصنام أن قالوا: إن الإله الأعظم أجل من أن يعبده البشر لكن اللائق بالبشر أن يشتغلوا بعبادة الأكابر من عباد الله، مثل الكواكب ومثل الأرواح السماوية ثم إنها تشتغل بعبادة الإله الأكبر فهذا هو المراد من قولهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ " (١).

فهذه الآية نص قاطع في أن عبادتهم لغير الله ليست إلا لشيء واحد وهو طلب القربى والزلفى إلى الله تعالى وذلك لأن الآية وردت بصيغة القصر والحصر وهي النفي والاستثناء ففي الآية حصر غرض عبادة الأولياء في التقريب إلى الله تعالى.

وقال تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ [الزمر: ٤٣].

وقال تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً﴾ [الأحقاف: ٢٨].

والقربان: ما يتقرب به إلى المعبود كما هو معروف وفسره به العلماء.

وإنما قيل للآلهة قربانًا لما أنها غير مقصودة لذواتها ألا تراه يقول في غير هذا الموضع (شفعاء) ويحكى ﴿لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ (٢).

وقال تعالى في قصة صاحب آل يس: ﴿أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا﴾ [يس: ٢٣].

فهذه الآيات قد دلت على أن مقصود المشركين الأوائل هو الشفاعة والوساطة لا غير.


(١) تفسير الرازي: ٢٦/ ٢٤١.
(٢) معارج الألباب: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>