للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن الذين يدعون الملائكة والصالحين على عدة (١) أنواع وكلهم مجمعون على اعتقاد الشفاعة وهم أربع فرق:

١ - ففرقة قالت: ليس لنا أهلية مباشرة دعاء الله ورجائه بلا واسطة تقربنا إليه وتشفع لنا لعظمته، فتوهموا أن عبادة الواسطة أشد في تعظيم الله من عبادته.

٢ - وفرقة قالت: الأنبياء والملائكة ذو وجاهة عند الله ومنزلة عنده، فاتخذوا صورهم من أجل حبهم لهم ليقربوهم إلى الله زلفى.

٣ - وفرقة جعلتهم قبلة في دعائها وعبادتها.

٤ - وفرقة اعتقدت أن لكل صورة مصورة على صورة الملائكة والأنبياء وكيلًا موكلًا بأمر الله، فمن أقبل على دعائه ورجائه وتبتل إليه قضى ذلك الوكيل ما طلب منه بأمر الله وإلا أصابته نكبة بأمره تعالى.

والحاصل أن المشركين بأصنافهم من عبدة الملائكة والأنبياء والكواكب والأوثان والفلاسفة الذين يعتقدون في العلويات، كلهم يقصدون من دعائهم لمعبوديهم التقريب والوساطة، وإنما يدعون الأصنام والأوثان والهياكل باعتبار أنها تماثيل للصالحين وهي من وسائل التقريب فقط، وهذا حاصل عقيدتهم ومنتهى مزاعمهم، فلم يقولوا: إن المطلوب الذي يطلبونه صار رهينًا في أيدي الوسائط والشفعاء وأنهم مسلطون على الرفع والوضع والنفع والدفع والعطاء والمنع، ويدل على ذلك التعبير القرآني بالشفعاء والقربان والحكاية عنهم بيقربونا، وأن مصب إنكار الأنبياء عليهم هو اتخاذهم للشفعاء (٢).

هذه الشبهة جاءت إليهم من قبل تعظيمهم في الظاهر الله تعالى وهي


(١) تفسير الرازي: ٢٦/ ٢٤١ و ١٧/ ٦٣ و ٢٧/ ١٣٠ و ١٣/ ٣٧ - ٣٩، والهدية السنية ص: ١٤، وتلبيس إبليس ص: ٥٠، ٣٧، والواسطة بين الحق والخلق ضمن الفتاوى: ١/ ١٣٥.
(٢) معارج الألباب: ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>