للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحسن وجوه التقرب إليه لقضاء حوائجهم عنده، وكلما كان ذلك العبد أو التابع أقرب له وأحب إليه كان إكرامه وتعظيمه والتوسل به إليه أقرب في نجاح الحاجة وحصول المقصود … " (١).

ولا يخفى ما في هذا التشبيه من المفاسد العظيمة فالله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ولا يمكن أن يشبه بالملوك والرؤساء وقد علم أن الوسائط بين الملوك والناس يكونون على أحد وجوه ثلاثة، وكلها مستحيلة في حق الله تعالى والوجوه الثلاثة هي:

١ - لإخبارهم من أحوال الناس بما لا يعرفونه.

٢ - أو يكون الملك عاجزًا عن تدبير الرعية فيحتاج إلى مساعد.

٣ - أو يكون الملك لا يريد الخير لرعيته فيحتاج إلى من يحركه وينصحه (٢)، وهذه الأوجه الثلاثة مستحيلة في حق الله تعالى، والاعتقاد بالوساطة يستلزم هذه الأوجه.

٤ - ثم من المحاذير التي في اعتقاد الوساطة أن ذلك الاعتقاد يلزم منه الخضوع والتذلل، والتأله من العبد لتلك الوسائط حتى ترفع أمره إلى الله تعالى.

وهذا التأله قبيح في الشرع والعقل صرفه لغير الله تعالى (٣).

فلو لم يكن فيه إلا نقص محبة الله تعالى وخوفه ورجائه والتوكل عليه، والإنابة إليه من قلب من يطلب الشفاعة والوساطة بسبب قسمته ذلك بينه وبين من أشرك به، فينقص ويضعف أو يضمحل ذلك التعظيم والمحبة والخوف والرجاء بسبب صرف أكثره أو بعضه إلى من يطلب شفاعته - لكفى في شناعة اعتقاد الوساطة (٤).


(١) شواهد الحق: ١٤٥.
(٢) الواسطة بين الحق، وضمن الفتاوى: ١/ ١٢٦ - ١٢٧.
(٣) تجريد التوحيد: ٣٣.
(٤) إغاثة اللهفان: ١/ ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>