للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمراد أنهم يقولون ما يستلزم سبه بحيث يفهم ذلك منهم، وإن لم يَعْلَم ذلك قَائِلُه (١) وليس ذلك غرضه.

الوجه الثالث:

أن معنى سبهم لله تعالى هو سبهم وعيبهم لأمر المسلمين فيعود ذلك إلى الله تعالى، لا أنهم كانوا يصرحون بسب الله تعالى لأنهم كانوا يقرون أنه خالقهم وإن أشركوا به، وقد قال بهذا الوجه ابن الجوزي (٢).

ويقرب هذا الوجه أن الكفار إذا عيب دينهم فلا بد أن يعيبوا دين المسلمين والشريعة الإسلامية وما جاءت به من العبادات والأحكام، فيؤدي ذلك إلى سب من شرع هذا الدين الحنيف وهو الله تعالى.

الوجه الرابع:

أنهم ربما كان في جهالهم من كان يعتقد بأن إله محمد شيطان يحمله على ادعاء الرسالة، وليس خالق السموات والأرض، فكان يشتم إله محمد على هذا التأويل، وهذا الوجه أبداه الرازي احتمالًا (٣).

ويؤيد هذا الوجه أن المتخاصم ربما يعتقد أن خصمه لا يعبد الله تعالى بل يعبد إلهًا آخر، لأنه يصف معبوده بما لا يصح أن يوصف به الله تعالى عنده، وقد ثبت عن بعض المختلفين في الأديان وفي مذاهب الدين الواحد وصف ربهم وإلههم بصفات، ورب خصومهم وإلههم بصفات تناقضها، أو تضادها كما يقول مثبتو الصفات ونفاتها بعضهم في بعض، مع أن الجميع يقولون: إنهم يعبدون الله خالق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما (٤).


(١) المنار: ٧/ ٥٥٣.
(٢) زاد المسير: ٣/ ١٠٢.
(٣) تفسير الرازي: ٧/ ١٤٧.
(٤) المنار: ٧/ ٥٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>